للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فحكم به والمنع من الترك زيادة لم تثبت الا بدليل، والاصل عدمه فثبت الرجحان بدون المنع من الترك وهو الندب.

واذا لم يظهر قصد القربة ظهر الجواز لبعد المعصية ولا وجوب ولا ندب بالاصل. وأيضا لما نفى الحرج فى قول الله تعالى «زَوَّجْناكَها» مع احتمال الوجوب والندب ولم يثبتهما فهم منه أن مقتضى فعله الاباحة دونهما (١).

أما صاحب شرح المنار فقد ذكر أن أحوال فعل النبى صلى الله عليه وسلم أربعة مباح ومستحب وواجب وفرض (٢). وروى صاحب قوانين الاصول أن آراء الفقهاء تدور بين وجوب المتابعة مطلقا أو استحبابها مطلقا أو اباحتها مطلقا أو وجوب التوقف فيها، غير أنه قرر أن استحباب متابعة النبى صلى الله عليه وسلم هو أقوى تلك الاقوال، لاصالة البراءة من الوجوب وعدم دليل قائم عليه، ولان احتمال الاباحة مقهور بأكثرية الراجح فى أفعالهم، ولان ذلك مقتضى الاحتياط‍ لاحتمال الوجوب بل والندب أيضا فيستحب، ولان ذلك مقتضى عمومات ما دل على حسن التأسى بعد نفى دلالتها على الوجوب وذلك مثل قراءة السورة فى الصلاة وغسل الوجه من الاعلى (٣).

[حكم ترك المستحب]

يتبع حكم ترك المستحب ما يقصد بالمستحب وقد اختلف الحنفية فى حكم تركه فقال جماعة لا يترتب على تركه كراهة على ما جاء فى البحر الرائق من أنه ان كان ذلك الشئ الذى تركه المصلى مستحبا أو مندوبا وليس بسنة كما هو على اصطلاحنا فينبغى أن لا يكون تركه مكروها أصلا كما صرحوا به من أنه يستحب يوم الاضحى أن لا يأكل أولا الا من أضحيته ولو أكل أولا من غير أضحيته فليس بمكروه، فلم يلزم من ترك المستحب ثبوت كراهته (٤). غير أن ابن نجيم تعقب ذلك بقوله: الا أنه يشكل عليه ما قالوه من ان المكروه تنزيها مرجعه الى خلاف الاولى، ولا شك فى أن ترك المستحب خلاف الاولى (٥). ووفق ابن عابدين فى حاشيته بين الرأيين مستندا الى ما ذكره بعض الائمة من أن الكراهة المنفية هى الكراهة التحريمية فلا ينافى ثبوت الكراهة التنزيهية كما لا يخفى، وذلك قوله: وعلى هذا ففى ترك المستحب والمندوب كراهة الا أنه ينبغى أن تكون دون كراهة ترك السنة غير المؤكدة كما قدمه ابن نجيم من أن الاثم فى ترك السنة


(١) شرح القاضى عضد الملة والدين لمختصر المنتهى الاصولى للامام ابن الحاجب وبهامشه حاشية سعد الدين التفتازانى ج‍ ٢ ص ٢٢، ٢٣ الطبعة الأولى بالمطبعة الكبرى الاميريه ببولاق مصر سنة ١٣١٧ هـ‍.
(٢) شرح المنار لعز الدين عبد اللطيف بن عبد العزيز بن الملك ص ٧٢٧.
(٣) قوانين الاصول لابى القاسم القمى ص ٣٩٠ الى ص ٣٩٣ طبع المكتبة العلمية الاسلامية فى طهران سنة ١٣٧٨ هـ‍.
(٤) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج‍ ٢ ص ٣٤.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٣٤، ٣٥.