وقضاء القاضى اذا صادف محل الاجتهاد ينفذ ولا ينقض.
ومنها ظهور الوارث حتى لو اقتسموا ثم ظهر أن ثمة وارث آخر نقضت قسمتهم ولو كانت القسمة بقضاء القاضى لا تنقض لما ذكرنا.
ولو أدعى وارث وصية لأبن له صغير بعد القسمة لا تصح دعواه حتى لا تسمع منه البينة لكونه مناقضا فى الدعوى اذ لا تصح قسمتهم الميراث وثم موصى له فكان اقدامه على القسمة اقرارا منه بانعدام الوصية فكان دعوى وجود الوصية مناقضة فلا تسمع ولكن لا يبطل حق الصغير بقسمة الأب لأنه لا يملك ابطال حقه.
وكذلك لو ادعى بعض الورثة ان أخا له من أبيه وأمه ورث أباه معهم وأنه مات بعد موت الأب وورثه هذا المدعى وحجر الباقون ذلك فأقام على البينة لا تقبل بينته لأنه هنا قضى فى دعواه لدلالة اقراره بانعدام وارث آخر باقدامه على القسمة وكذلك كل ميراث يدعيه أو شراء أو هبة أو صدقة أو وصية بعد القسمة للتناقض بدلالة الاقدام على القسمة.
[مذهب المالكية]
جاء فى التاج والإكليل نقلا عن المدونة أن القاضى اذا قسم بين قوم دورا أو رقيقا أو عروضا فلم يرض أحدهم ما أخرج السهم له أو لغيره أو لو قال لم أظن أن هذا يخرج له فقد لزمه وقسم القاسم ما من سواء كان فى ربع أو حيوان أو غيره واذا قالوا للقاسم غلطت أو لم تعدل أتم قسمه ونظر الامام فى ذلك فان كان قد عدل أمضاه والا رده ولم ير مالك رحمه الله تعالى قسم القاسم بمنزلة حكم القاضى (١).
وجاء فى مواهب الجليل أنه اذا تفاحش الجور والغلط أو ثبت نقضت القسمة.
قال أبو الحسن الصغير رحمه الله تعالى قال الباجى فى وثائقه انما يرجع بالغبن فى القرب.
وقال فى معين الحكام قال بعض الأندلسيين وأما ما يقام بالغبن فهو ما قرب وأما ما بعد أمره وطال تاريخه فلا يقام فيه بغبن.
وقال ابن سهل عن أبى ابراهيم وحد ذلك العام ويقينه أيضا البناء والغرس قال فى معين الحكام واذا ثبت الغبن فى القسمة انتقضت ما لم تفت الاملاك ببناء أو هدم أو غير ذلك من وجوه الفوات فان فاتت الأملاك بما ذكرنا رجعا فى ذلك الى القيمة يقتسمونها وان فات بعض وبقى سائره اقتسم ما لم يفت مع قيمة ما فات.
قال ابن حبيب واذا ادعى أحدهما الغلط بعد القسم فان قسموا بالتراضى بلا سهم وهم حائزوا الأمر فلا ينظر الى دعوى ذلك وان كان الغلط ببينة أو بغير ذلك من أمر ظاهر لأنه كبيع التساوم يلزم فيه التغابن وان قسم بالسهم على تعديل القسم فلا يقبل قوله الا ببينة أو يتفاحش الغلط فترد فيه القسمة كبيع المرابحة.
قال أبو عمران انما يصح قول ابن حبيب على وجه وهو اذا تولوا القسمة بأنفسهم وأما أن أدخلوا بينهم من يقوم لهم ثم ظهر فيها الغبن فسخت القسمة بينهم لأنا وان سميناه تراضيا فلم يدخلوا فيه الا على التساوى وظاهرها أن الشركاء اذا لم يدخلوا مقوما وانما قوموا لأنفسهم أنه لا يقام فى ذلك بالغبن والظاهر أن ذلك ليس بمراد وانما المراد أن قسمة المراضاة اذا كانت بتعديل وتقويم فانما يقام فيها بالغبن.
قال اللخمى رحمه الله تعالى دعوى الغلط
(١) التاج والاكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق ج ٥ ص ٣٤٥ فى كتاب على هامش مواهب الجليل