للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ودليل القائلين بعدم الاعتداد بخلاف التابعى هو ما ورد من النصوص فى اتباع الأصحاب، وأن لهم مزية الصحبة.

وبين المختلفين نقاش فى الأدلة لا نطيل بذكره (١).

شروط‍ الإجماع

يذكر علماء الأصول فى مختلف المذاهب شروطا للإجماع كل منها وقع الخلاف فيه بينهم: هل يشترط‍ أو لا يشترط؟ وهذه هى:

[انقراض العصر]

والمراد به: انقراض المجمعين فى عصر ما، فذهب فريق من العلماء إلى أن اتفاق الأمة لا يعتبر إجماعا تقوم به الحجة إلا إذا انقرض المجمعون وماتوا كلهم، لأن رجوعهم أو رجوع بعضهم قبل الموت محتمل، ومع هذا الاحتمال لا يثبت الاستقرار (٢).

وهذا القول هو قول الإمام أحمد بن حنبل وأبى بكر بن فورك (٣)، وبعض الظاهرية (٤).

واحتجوا على قولهم بأن أبا بكر سوى بين الصحابة فى العطاء، وخالفه عمر فى التفضيل بعد إجماعهم على رأى أبى بكر فلو كان الإجماع الذى انعقد فى عهد أبى بكر علي التسوية حجة منذ انعقد، لما جاز لعمر مخالفته فاقتضى ذلك كون انقراض العصر شرطا أى أن لكل من المجمعين أن يرجع عن رأيه إذا رأى ذلك فهو اتفاق موقوف لا يتبين أنه صار إجماعا إلا بانقراض المجمعين كلهم ويتبع ذلك أنه لا يجوز لأحد بعد انقراض العصر أن يجتهد فيما تبين أنه إجماع، ومثلوا لذلك أيضا: باتفاق على وعمر وغيرهما من الصحابة على تحريم بيع أم الولد، ثم إن عليا خالفهم بعد ذلك ورأى جواز بيعها، وما ذلك إلا لأنه اعتبر الإجماع غير قائم، لأن العصر لم ينقرض (٥).

وذهب فريق آخر إلى أن انقراض العصر ليس شرطا بل إذا اتفقت الأمة ولو فى لحظة - أى اتفق المجتهدون فيها - انعقد الإجماع وتقررت عصمتهم عن الخطأ ووجب اتباعهم، ولا يجوز لأحد منهم ولا ممن يأتى بعدهم أن يخرج على هذا الإجماع، وذلك لأن الحجة فى اتفاقهم وقد حصل.

وليس فى الأدلة المثبتة للإجماع اشتراط‍ ذلك، ولم يعتبروا أن الإجماع قام على رأى أبى بكر فى التسوية، بل رأوا أن عمر كان مخالفا فيه من أول الأمر، وإنما كان سكوته لكون رأى الخليفة هو المقدم، وكذلك لم يصح فى نظرهم أن الصحابة جزموا جميعا بتحريم بيع أم الولد قبل أن يخالفهم على (٦).


(١) انظر فى هذا كله الأحكام للآمدى ج‍ ١ ص ٣٤٥ وما بعدها وغيرها من المراجع السابق ذكرها.
(٢) شرح ملاجيون على المنار ج‍ ٢ ص ١٠٧.
(٣) الأحكام للأمدى ج‍ ١ ص ٣٦٦.
(٤) طلعة الشمس ج‍ ٢ ص ٨٦.
(٥) طلعة الشمس فى الموضع السابق ذكره، وما بعده.
(٦) طلعة الشمس فى الموضع السابق ذكره.