للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهبة للأجنبى

وجواز الرجوع فيها

[مذهب الحنفية]

قال الأحناف: من وهب لأجنبى شيئا فله حق الرجوع فيه لما روى عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها» أى بعوض. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الواهب أحق بهبته ما لم يصل اليه العوض (١).

[مذهب المالكية]

لو وهب لأجنبى هبة والواهب غنى والموهوب له فقير ثم قال بعد ذلك الواهب انما وهبتها للثواب لم يصدق على ذلك ولم يكن له أن يرجع فى هبته، وهذا قول مالك: وقال: وان كان فقيرا فوهب لغنى وقال: انما وهبتها للثواب، فان هذا يصدق ويكون القول قوله، فان أثابه والا رد عليه هبته، وان كانا غنيين أو فقيرين فوهب أحدهما لصاحبه هبة ولم يذكر الثواب حين وهب له ثم قال بعد ذلك الواهب انما وهبتها له للثواب وكذبه الآخر، قال مالك: لا أرى لمن وهب لفقير ثوابا وان كان فقيرا اذا لم يشترط‍ فى أصل الهبة الثواب، وأما غنى وهب لغنى فقال انما وهبتك للثواب فالقول قول الواهب ان أثيب من هبته والا رجع فى هبته (٢).

[مذهب الشافعية]

قال الشافعية: الهبة للأجنبى جائزة ولا يجوز الرجوع فيها للخبر وهو: «لا يحل لرجل أن يعطى عطية أو يهب هبة فيرجع فيها الا الوالد فيما يعطى ولده» رواه الترمذى والحاكم وصححاه (٣).

[مذهب الحنابلة]

قال الحنابلة: لا يحل للواهب أن يرجع فى هبته وان لم يثبت عليها، يعنى وان لم يعوض عنها، فمن وهب لأجنبى شيئا فلا يجوز له الرجوع فى هبته لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «لا يرجع واهب فى هبته الا الوالد فيما يعطى ولده» (٤).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى: بجواز الهبة للأجنبى ولا عبرة بالحيازة وانما تتم الهبة بالتلفظ‍، ويلزم الواهب رد ما استغل منها سواء فى حياته ومن رأس ماله بعد وفاته، ولا يجوز الرجوع فيها أصلا بالنسبة للأجنبى (٥).

[مذهب الزيدية]

قال الزيدية بجواز الهبة للأجنبى، ولا يجوز الرجوع فيها بالنسبة له ما لم يفعلها لغرض غير قصد القربة فيصح الرجوع حينئذ، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من


(١) بدائع الصنائع ج‍ ٦ ص ١٢٨ الطبعة السابقة.
(٢) المدونة ج‍ ١٥ ص ٩٦، ٩٧ الطبعة السابقة.
(٣) البجرمى على شرح منهاج الطلاب ج‍ ٣ ص ٢١٩ وهامشه.
(٤) المغنى لابن قدامة ج‍ ٦ ص ٢٩٥، ٢٩٦ الطبعة السابقة.
(٥) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ٩ ص ١٢٠ إلى ١٢٧ مسألة رقم ١٦٢٩.