للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان رجع المشترى على المفلس رجع هو على الدائنين لما ذكر ولو تلف الثمن فى يد القاضى أو أمينه قبل قبض الدائنين له فانه يكون كتلفه فى يد المفلس فينحصر الضمان فيه فيقدم المشترى - وهو المستحق منه المبيع - على غيره من الدائنين بثمنه وهو الاقرب لانه من مصالح الحجر، لئلا يرغب الناس عن الشراء. ويحتمل ان يقاسم مع الدائنين به لانه دين لزم المفلس. وقيده فى جامع المقاصد بما اذا لم يكن غصب المبيع المستحق لصاحبه معلوما عند القاضى أو أمينه والا استقر الضمان عليه لانه غاصب واذا فسخ المستأجر الاجارة لانهدام الدار المستأجرة مثلا بعد افلاس المؤجر وبعد قسمة ماله على الدائنين احتمل أمرين (أحدهما) مقاسمته مع الدائنين بأجرة المدة الباقية لاستناد هذا الدين الطارئ بعد الحجر الى عقد سابق على الحجر وهو الاجارة فصار كما لو انهدمت قبل القسمة.

والثانى: المنع من ذلك لانه دين حدث على المفلس بعد قسمة ماله (١) وقد سبق بيان حكم من حدث له دين على المفلس بعد الحجر عليه عالما أو جاهلا بافلاسه فى منع المفلس من التصرفات.

الاتفاق على المفلس وعلى

من تلزمه نفقته:

[مذهب الحنفية]

ينفق على المفلس من ماله، وكذلك زوجته وأولاده الصغار وذوو أرحامه ممن تجب نفقتهم عليه لان ذلك من حوائجه الاصلية. وهى مقدمه على حق الدائنين ولانه حق ثابت لغيره فلا يبطله الحجر عليه. (٢) وقد سبق فى بيع مال المفلس حكم ما يلزمه من لباس ومسكن.

[مذهب المالكية]

ينفق المفلس على نفسه من كسبه ويلزمه أن يكتسب لذلك ان كان قادرا عليه ولا يترك القاضى من ماله الذى يباع عليه شيئا لقوته حيث كان كسبه يكفيه (٣)، أو كان له صنعة يقتات منها. وقيل:

يترك القاضى لمن له صنعة نفقة يومين خوف عطله.

أما ان كان كسب المفلس لا يكفيه أو كان غير قادر على الاكتساب فان القاضى يترك له من ماله الذى يبيعه عليه ما يقتات به هو ومن تلزمه نفقته شرعا من زوجاته ووالديه وأولاده الى وقت يظن - بحسب الاجتهاد أنه يحصل له ما يأتى به المعيشة عادة لان الدائنين عاملوه على ذلك ويكون ما يتركه القاضى له من خشن الطعام مما تقوم البينة به لا مما فيه ترفه حتى ولو اعتاد المفلس عليه فلا يترك له ذلك. وكذلك يترك القاضى للمفلس كسوته وكسوة من تلزمه نفقته ولا يترك لكل واحد منهم الا ما يوارى عورته بين الناس ويقيه الحر والبرد وتجوز الصلاة به بدون كراهة. وأما الثياب التى للزينة فلا تترك له ولا لمن تلزمه نفقته على المشهور. وقد سبق تفصيل ما يترك للمفلس من مسكن فى بيع مال المفلس.

[مذهب الشافعية]

يجب على القاضى أن ينفق على المفلس من ماله يوما بيوم نفقة المعسرين حتى يقسم ماله لانه موسر أى لا تجب نفقته على أحد ما لم يزل ملكه عن ماله بالقسمة ويستمر الانفاق عليه من ماله حتى يمضى يوم وليلة بعد قسمة ماله بين الدائنين وكذلك يجب على القاضى الانفاق على زوجة المفلس التى تزوجها قبل إفلاسه والحجر عليه أما من تزوجها بعد ذلك فلا ينفق عليها كما يجب عليه الانفاق على من يطلب ذلك من أقارب المفلس الذين تلزمه نفقتهم وتحققت فيهم شروطها حتى وان حدثوا بعد افلاسه والحجر


(١) مفتاح الكرامة ج ٥ ص ٣١٤، ٣٢٣ وما بعدها والخلاف ج ١ ص ٦٢٠، ٦٢١ وما بعدها.
(٢) تكملة فتح القدير والهداية ج ٧ ص ٣٢٩
(٣) شرح الخرش بحاشية العدوى ج ٥ ص ٣١٨ والشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج ٣ ص ٢٧٧ وما بعدها والشرح الصغير ج ٢ ص ١٤٦ وما بعدها.