للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضهم: الصحيح أنها إنما تعلم بتوقيف من الشارع لا مجال للقياس فيه كمعرفة السورة.

فالآية، طائفة حروف من القرآن علم بالتوقيف بانقطاعها معنى عن الكلام الذى قبلها وعن الكلام الذى بعدها (١).

[هل البسملة آية من القرآن أو بعض آية]

لا خلاف بين علماء المسلمين فى أن البسملة الواردة فى سورة النمل من قوله تعالى: «إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ٢» ليست آية كاملة بل هى بعض آيه.

وإنما الخلاف بينهم فى البسملة الواردة فى أوائل السور ما عدا براءة.

ففى المجموع للنووى قال: هناك رواية للإمام أحمد أنها ليست من الفاتحة (٣).

وفى المجموع أيضا قال مذهبنا (أى الشافعية) أن بسم الله الرحمن الرحيم آية كاملة بلا خلاف، وليست فى أول براءة بإجماع المسلمين، وأما باقى السور غير الفاتحة وبراءة ففى البسملة فى أول كل سورة منها ثلاثة أقوال حكاها الخراسانيون وأشهرها، وهو الصواب، أو الأصوب:

أنها آيه كاملة. والثانى أنها بعض آية.

والثالث أنها ليست بقرآن فى أوائل السور غير الفاتحة.

والمذهب أنها قرآن فى أوائل السور غير براءة (٤).

ثم قال فى المجموع: واحتج أصحابنا بأن الصحابة رضى الله عنهم أجمعوا على إثباتها فى المصحف جميعا فى أوائل السور سوى براءة بخط‍ المصحف بخلاف الأعشار وغيرها فإنها تكتب بمداد أحمر، فلو لم تكن قرآنا لما استجازوا إثباتها بخط‍ المصحف من غير تمييز لأن ذلك يحمل على اعتقاد إنها قرآن فيكونون مغررين بالمسلمين حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا، فهذا مما لا يجوز اعتقاده فى الصحابة رضى الله عنهم (٥).

وفى حاشية الصفتى للمالكية (٦): قال وذهب الإمام مالك وجماعة إلى أن البسملة ليست فى أوائل السور من القرآن أصلا، وإنما هى للفصل بين السور. والدليل على ذلك أحاديث كثيرة منها ما رواه مالك والبخارى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: صليت خلف النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان وعلى فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولم يكونوا يفتتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم.

والحديث القدسى الذى رواه مالك فى الموطأ ومسلم فى صحيحه - واللفظ‍ له - «عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهى خداج (٧) ثلاثا غير تمام فقيل لأبى هريرة: إنا نكون وراء الإمام! فقال: اقرأ بها فى نفسك، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال


(١) ج‍ ١ ص ١٦٦.
(٢) سورة النمل: ٣٠.
(٣) ج‍ ٣ ص ٣٣٤.
(٤) ج‍ ٣ ص ٣٣٣.
(٥) ج‍ ٣ ص ٣٣٥.
(٦) ص ٥، ٦.
(٧) الخداج: النقصان. يقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج.