للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب نفقته". والذي يركب ويشرب هو الراهن فوجب أن تكون النفقة عليه، ولأن الرقبة والمنفعة على ملكه فكانت النفقة عليه، وإن احتاج إلى شرب دواء أو فتح عرق فامتنع لم يجبر عليه لأن الشفاء بيد الله تعالى، وقد يجئ من غير فصد ولا دواء ويخالف النفقة فإنه لا يبقى دونها فلزمه القيام بها (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير أن الراهن والمرتهن إن اتفقا على عدل يضعان الرهن على يده فلهما ذلك لأن الحق لهما فيفوض أمره إليهما. ولو أراد العدل رده عليهما فله فلك وعليهما قبوله وبهذا قال الشافعي رضى الله عنه - لأنَّهُ أمين متطوع بالحفظ فلا يلزمه المقام عليه، فإن امتنعا أجبرهما الحاكم، فإن تغيبا نُصِبَ الحاكم أمينا يقبضه لهما لأن للحاكم ولاية على الممتنع من الحق الذي عليه، ولو دفعه إلى الأمين من غير امتناعهما ضمن وضمن الحاكم لأنَّهُ لا ولاية له على غير الممتنع، وكذا لو تركه العدل عند آخر مع وجودهما ضمن وضمن القابض، وإن امتنعا ولم يجد حاكما فتركه عند عدل آخر لم يضمن. وإن امتنع أحدهما لم يكن له دفعه إلى الآخَر، فإن فعل ضمن. والفرق بينهما أن أحدهما يمسكه لنفسه والعدل يمسكه لهما. هذا فيما إذا كان حاضرين، فأما إذا كانا غائبين نظرت فإن كان للعدل عذر من مرض أو سفر أو نحوه رفعه إلى الحاكم فقبضه منه أو نُصِبَ له عدلا يقبضه لهما فإن لم يجد حاكما أودعه عند نفسه، وليس له دفعه إلى ثقة يودعه عنده مع وجود الحاكم فإن فعل ضمن فإن لم يكن له عذر وكانت الغيبة بعيدة إلى مسافة القصر قبضه الحاكم منه، فإن لم يجد حاكما دفعه إلى عدل، وإن كانت الغيبة دون مسافة القصر فهو كما لو كانا حاضرين لأن ما دون مسافة القصر في حكم الإقامة، وإن كان أحدهما حاضرا والآخر غائبا فحكمهما حكم الغائبين وليس له دفعه إلى الحاضر منهما، وفى جميع هذه الأقسام متى دفعه إلى أحدهما لزمه رده إلى يده وإن لم يفعل فعليه ضمان حق الآخَر (٢). وإن كان الرهن ثمرة فاحتاجت إلى سقى وتسوية وجذاذ فذلك على الراهن، وإن احتاجت إلى تجفيف والحق مؤجل فعليه التجفيف لأنَّهُ يحتاج إلى أن يستبقيها رهنا حتى يحل الحق، وإن كان حالًا بيعت ولم يحتج إلى تجفيفها، وإن اتفقا على بيعها وجعل ثمنها رهنا بالحق المؤجل جاز، وإن اختلفا في ذلك قدم قول من يستبقيها بعينها لأن العقد يقتضى ذلك، إلا أن يكون مما تقل قيمته بالتجفيف، وقد جرت العادة ببيعه رطبا فإنه يباع ويجعل ثمنه مكانه، وإن اتفقا على قطع الثمرة في وقت فلهما ذلك سواء كان الحق حالًا أو مؤجلا، وسواء كان الأصلع القطع أو الترك، لأن الحق لا يخرج عنهما، وإن اختلفا قدمنا قول من طلبه الأصلع إن كان ذلك قبل حلول الحق، وإن كان الحق حالًا قدم قول من طلب القطع لأنَّهُ إن كان المرتهن فهو طالب لاستيفاء حقه الحال فلزم إجابته، وإن كان


(١) المرجع السابق جـ ١ ص ٣١٤ نفس الطبعة.
(٢) المغنى للإمام موفق الدين أبى محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة على مختصر أبى القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقي جـ ٤ ص ٣٨٩، ص ٣٩٠ في كتاب أسفله الشرح الكبير على متن المقنع للإمام شمس الدين أبى الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسى بتصحيح السيد محمد رشيد رضا طبع مطبعة المنار بمصر الطبعة الثانية سنة ١٣٤٧ هـ.