للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستئذان فى ذلك وقيل لا نقض على ناظر كتاب السر أو جوف المنزل بلا اذن ولا على فاعل كبيرة الا الكذب واليمين الفاجرة ونظر الشهوة والغيبة والنميمة وينتقض باستماع السر الا ان كان المستمع هو الذى وقع كلام السر فيه أما اذا كان هو الذى وقع فيه السر فلا نقض عليه.

وينتقض باستماع لباطل كاستماع لكذب أو بهتان أو استماع للهو بما هو معصية فينقض وضوء المستمع ولو لم ينتقض وضوء المسموع، أو استماع لمزمار وغناء ونياح وذلك اذا كان بمحرم وبكل محرم شرعا ولو صغيرة قولا وفعلا وقيل لا نقض بالصغيرة الا أن أصر عليها (١).

[ما يفسد التيمم وما لا يفسده]

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع أن الذى ينقض التيمم نوعان عام وخاص، أما العام فكل ما ينقض الوضوء من الحدث الحقيقى والحكمى ينقض التيمم.

وأما الخاص وهو ما ينقض التيمم على الخصوص لوجود الماء وجملة الكلام فيه أن المتيمم اذا وجد الماء لا يخلو اما أن يجده قبل الشروع فى الصلاة واما أن يجده فى الصلاة واما أن يجده بعد الفراغ منها فان وجده قبل الشروع فى الصلاة انتقض تيممه عند عامة العلماء.

وعن أبى سلمة بن عبد الرحمن رحمه الله تعالى أنه لا ينتقض التيمم بوجود الماء أصلا لأن الطهارة بعد صحتها لا تنقض الا بالحدث ووجود الماء ليس بحدث ويدل لنا ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال التيمم وضوء المسلم ولو الى عشر حجج ما لم يجد الماء أو بحدث جعل التيمم وضوء المسلم الى غاية وجود الماء والمحدود الى غاية ينته عند وجود تلك الغاية، ولأن التيمم خلف عن الوضوء ولا يجوز المصير الى الخلف مع وجود الأصل كما فى سائر الأخلاف مع أصولها، وأما كون وجود الماء ليس بحدث فهو مسلم وعندنا أن المتيمم لا يصير محدثا بوجود الماء بل الحدث السابق يظهر حكمه عند وجود الماء الا أنه لم يظهر حكم ذلك الحدث فى حق الصلاة المؤداة ثم وجود الماء نوعان: وجوده من حيث الصورة والمعنى وهو أن يكون مقدور الاستعمال له فينقض التيمم ووجوده من حيث الصورة دون المعنى وهو أن لا يقدر على استعماله وهذا لا ينقض التيمم حتى لو مر المتيمم على الماء الكثير وهو لا يعلم به أو كان غافلا أو نائما لا يبطل تيممه.

كذا روى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى، وكذا لو مر على ماء فى موضع لا يستطيع النزول اليه لخوف عدو أو سبع لا ينتقض تيممه.

كذا ذكر محمد بن مقاتل الرازى رحمه الله تعالى، وقال هذا قياس قول أصحابنا لأنه غير واجد للماء فكان ملحقا بالعدم وكذا اذا أتى بئرا وليس معه دلو أو رشا أو وجد ماء وهو يخاف على نفسه العطش لا ينتقض تيممه لما قلنا وكذا لو وجد ماء موضوعا فى الغلاة فى جب أو نحوه على قياس ما حكى عن أبى نصر محمد بن محمد بن سلام لأنه معد للسقيا دون الوضوء الا أن يكون كثيرا فيستدل بالكثرة على أنه معد للشرب والوضوء جميعا فينتقض تيممه والأصل فيه أن كل ما منع وجوده التيمم نقض وجوده التيمم وما لا فلا ثم وجود الماء انما ينقض التيمم اذا كان القدر الموجود يكفى للوضوء أو الاغتسال فان كان لا يكفى لا ينقض عندنا.

وعلى هذا يخرج ما ذكره محمد فى الزيادات لو أن خمسة من المتيممين وجدوا من الماء مقدار ما يتوضأ به أحدهم انتقض تيممهم جميعا لأن كل واحد منهم قدر على استعماله على سبيل البدل فكان كل واحد منهم واجدا للماء صورة ومعنى فينتقض تيممهم جميعا ولأن كل منهم قدر


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٩٤، ص ٩٥ من الطبعة السابقة.