للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو خلط‍ العين المودعة سواء كان ذلك عمدا أو سهوا كما بحثه الأذرعى - بماله أو مال غيره ولو أجود ولم تتميز بأن عسر تمييزها كبر بشعير كما بحثه الزركشى ضمن ضمان المغصوب، لأن المودع لم يرض بذلك أما لو تميزت بنحو سكة فلا يضمنها الا ان نقصت بالخلط‍ فيضمن النقص (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع ان الوديعة أمانة لقول الله تعالى: «فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ}. (٢)

وعلى ذلك فالوديعة لا ضمان فيها على المودع، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من أودع وديعة فلا ضمان عليه، ولأن المستودع يحفظها لمالكها، فلو ضمنت لامتنع الناس من الدخول فيها وذلك مضر لما فيه من مسيس الحاجة اليها الا أن يتعدى الوديع أو يفرط‍ فى حفظ‍ الوديعة فيضمنها لأن المتعدى متلف لمال غيره فضمنه كما لو أتلفه من غير ايداع. والمفرط‍ متسبب بترك ما وجب عليه من حفظها.

وان شرط‍ رب الوديعة على الوديع ضمانها لم يصح الشرط‍ ولم يضمنها الوديع،

لأنه شرط‍ ينافى مقتضى العقد فلم يصح.

ولو قال الوديع أنا ضامن للوديعة، لم يضمن ما تلف بغير تعد أو تفريط‍ لأن ضمان الأمانات غير صحيح (٣).

وان تعدى الوديع فى الوديعة بانتفاعه بها كأن ركب الوديع الدابة المودعة لغير نفعها من علف وسقى، أو لبس الثوب المودع لا لخوف عليه من عث ونحوه، أو كسر ختم كيسها، أو كانت الوديعة مشدودة فحل الوديع الشد، أو جحدها الوديع ثم أقر بها، ضمن فى كل ذلك لأنها بجحدها خرج عن الاستئمان عنها فلم يزل عنه الضمان بالاقرار بها، لأن يده صارت يد عدوان، وكذا لو منعها بعد طلب طالبها شرعا بأن طلبها مالكها أو وليه أو وكيله الثابتة وكالته بالبينة وبعد التمكن من دفعها الى ذلك الطالب ضمن، لأن يده عادية اذن بمنعها.

ومثل ما تقدم ما لو خلطها بما لا تتميز منه كزيت بزيت أو شيرج ودراهم بدراهم بطلت الوديعة وضمن المستودع، لأنه صيرها فى حكم التالف وفوت على نفسه ردها، أشبه ما لو ألقاها فى بحر، وسواء خلطها بماله أو مال غيره بمثلها أو دونها أو أجود منها (٤)


(١) المرجع السابق ج ٦ ص ١٢٨ الطبعة المتقدمة.
(٢) الاية رقم ٢٨٣ من سورة البقرة.
(٣) كشاف القناع عن متن الاقناع ج ٢ ص ٣٩٥ ص ٣٩٦ لابن ادريس الحنبلى.
(٤) المرجع السابق ج ٢ ص ٤٠٠، ص ٤٠١