يحرم بعد تعدى الميقات، فإن أحرم لم يلزمه الرجوع وعليه الدم لتعدية الميقات حلالا ولا يسقط عنه الدم برجوعه له بعد الإحرام ولا دم عليه إذا رجع للميقات فأحرم منه إذا لم يحرم بعد تعدية.
ويستثنى من وجوب الرجوع أن يمنعه من الرجوع عذر كخوف فوات لحجه أو فوات رفقة أو خاف على نفس أو مال أو عدم قدرة علي الرجوع فلا يجب عليه الرجوع، ويلزمه الدم لتعدية الميقات حلالا وكراجع له بعد إحرامه عليه الدم ولا ينفعه الرجوع بعده، فأولى إذا لم يرجع فمتعدى الميقات حلالا إذا لم يرجع له قبل إحرامه يلزمه الدم فى جميع الحالات ولو فسد حجه أو كان عدم الرجوع لعذر إلا أن يفوته الحج بطلوع فجر يوم النحر قبل وصوله عرفه فتحلل منه بعمرة بأن نوى التحلل منه بفعل عمرة وطاف وسعى وحلق بنيتها (أى بنية العمرة فلا دم عليه للتعدى فإن لم يتحلل بالعمرة وبقى على احرام لقابل لم يسقط عنه (١).
[مذهب الشافعية]
قال الشافعية: من جاوز ميقاتا من المواقيت المنصوص عليها أو موضعا جعل ميقاتا، وإن لم يكن ميقاتا اصليا غير مريد نسكا ثم أراده فميقاته موضعه، ولا يكلف العود إلى الميقات، ومن وصل إليه مريدا نسكا لم تجز مجاوزته إلى جهة الحرم بغير إحرام إجماعا، ويجوز مجاوزته بلا إحرام آلي جهة اليمنة أو اليسرة عندئذ ويحرم إذا أراد الاتجاه إلى الحرم من مثل ميقات بلده أو ابعد كما ذكره الماوردى فان خالف وفعل ما منع منه بأن جاوزه إلي جهة الحرم لزمه العود ليحرم منه، لأن الإحرام منه كان واجبا عليه فتركه، وقد أمكنه تداركه فيأتى به فلو عاد إلى مثل مسافته من ميقات آخر جاز .. قاله الماوردى وغيره.
ولا يجب تأخير الإحرام إلى العود بل يجوز له أن يحرم حيث هو قبل العودة ويعود إلى الميقات محرما ويسقط عنه الدم عملا بالأصح كما تقدم ولا فرق فى المجاوزة بين العمد والسهو والعلم والجهل إذ المأمورات لا يفترق فيها الحال بين العمد وغيره كنية الصلاة لكن لا آثم علي الجاهل والناسى ولا يقدح فيما ذكر فى الساهى أنه بسهوه عن الإحرام يستحيل كونه فى تلك الحالة مريدا للنسك إذ يمكن تصويره بمن أنشأ سفره من محله قاصدا له وقصده مستمر فسها عنه حين المجاوزة، واستثنى من لزوم العود ما إذا كان هناك عذر كضيق الوقت أو خوف الطريق أو وجود مرض شاق أو خوف انقطاع عن رفقته، فلا يلزمه العود حينئذ، بل يريق دما.
والأوجه ما قاله الأذرعى من تحريم العود عليه لو علم أنه لو عاد لفاته الحج ولو كان ماشيا ولم يتضرر بالمشى، فهل يلزمه العود أم لا. قضية كلامهم لزومه ونظر فيه الإسنوى وقال المتجه أنه أن كان على دون مسافة القصر لزمه وإلا فلا كما قلنا فى الحج ماشيا فإن لم يعد لعذر أو غيره لزمه بتركه الاحرام من الميقات
(١) بلغة المسالك لأقرب المسالك على الشرح الصغير للدردير ج ١ ص ٢٤٩، ٢٥٠ الطبعة السابقة.