للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأظهر الأقوال أن المباشرة بشهوة فيما دون الفرج كلمس وقبلة تبطل الاعتكاف أن أنزل والا فلا تبطله.

والثانى: تبطله مطلقا لعموم قوله تعالى «وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ} (١).

والثالث: لا تبطله مطلقا كالحج وعلى قول هى حرام فى المسجد ان لزم منها مكث فيه وهو جنب وكذا خارجه ان كان الاعتكاف واجبا بخلاف ما اذا كان نفلا. واذا نظر أو تفكر فأنزل فأنه لا يبطل واذا قبل بدون شهوة بل بقصد الاكرام ونحوه أو بلا قصد فلا يبطله اذا أنزل جزما والاستمناء كالمباشرة (٢).

ولا يصح اعتكاف كافر ومجنون ومبرسم وسكران ومغمى عليه ومن لا تمييز له لعدم صحة فيتهم ولا حائض ونفساء وجنب لحرمة مكثهم فى المسجد وكل من حرم مكثه فى المسجد لا يصح اعتكافه فيه (٣).

ومحل عدم صحة اعتكاف المغمى عليه فى الابتداء أما لو طرأ عليه فى أثناء اعتكافه فأنه لا يبطل ويحسب زمنه من اعتكافه (٤).

ولو ارتد المعتكف أو سكر معتديا بطل اعتكافه فى زمن ردته وسكره لعدم أهليته أما غير المعتدى فيشبه كما قال الأذرعى أنه كالمغمى عليه.

والمذهب بطلان ما مضى من اعتكافهما المتتابع.

فلا بد من استئنافه لأن ذلك أشد وأقبح من الخروج من المسجد بلا عذر وهو يقطع التتابع (٥).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير: أن المعتكف اذا خرج لما له منه بدعامدا بطل اعتكافه ألا يكون اشتراط‍ وان خرج ناسيا فقال القاضى رحمه الله تعالى ألا يفسد اعتكافه لأنه فعل المنهى عنه ناسيا فلم تفسد العبادة كالأكل فى الصوم.

وقال ابن عقيل رحمه الله تعالى يفسد لأنه ترك للاعتكاف وهو لزوم للمسجد وترك الشئ عمده وسهوه سواء كترك النية فى الصوم فان أخرج بعض جسده لم يفسد اعتكافه عمدا كان أو سهوا لأن النبى صلّى الله عليه وسلّم كان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف الى عائشة رضى الله تعالى عنها فتغسله وهى حائض (٦). والوط‍ ء مفسد للاعتكاف فهو محرم بالاجماع والأصل فيه قول الله تعالى «وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها} (٧)».

فان وطئ فى الفرج متعمدا أفسد اعتكافه باجماع أهل العلم حكاه ابن المنذر رحمه الله تعالى عنهم ولأن الوط‍ ء اذا حرم فى العبادة أفسدها كالحج والصوم. وان كان ناسيا فكذلك عند امامنا رحمه الله تعالى لأن ما حرم فى الاعتكاف استوى عمده وسهوه فى افساده كالخروج من المسجد ولا يسلم أنها لا تفسد الصوم ولأن المباشرة دون الفرج لا تفسد الاعتكاف الا اذا اقترن بالانزال اذ ثبت هذا فلا كفارة بالوط‍ ء فى ظاهر المذهب وهو ظاهر كلام الخرفى وعطاء والنخعى وأهل المدينة وغيرهم من العلماء.

واختيار القاضى رحمه الله تعالى لأنه عبادة يفسدها الوط‍ ء لعينه فوجبت الكفارة بالوط‍ ء فيها


(١) الآية رقم ١٨٧ من سورة البقرة
(٢) مغنى المحتاج للخطيب الشربينى ج ١ ص ٤٣٧
(٣) المرجع السابق ج ١ ص ٤٣٩
(٤) المرجع السابق ج ١ ص ٤٣٩
(٥) مغنى المحتاج الى معرفة ألفاظ‍ المنهاج للخطيب الشربينى ج ١ ص ٤٤٠
(٦) المغنى والشرح الكبير ج ٣ ص ١٣٩
(٧) الآية رقم ١٨٧ من سورة البقرة.