للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متخرج من الخلاف فى بطلان وكالة المنزوع من الوكالة بلا علم منه والذى يصح بطريق الاستخراج من كلامهم فى بعض مسائل النكاح بطلان الوكالة بموت الموكل حتى أنه يضمن الوكيل ما يفعل بعد موت الموكل كما تدل له مسائل النكاح.

قالوا فى الديوان وان تزوج له الوكيل ووجده ارتد أن جن فلا يدرك على الموكل ما صرف عليها.

وصرح قومنا بالخلاف فى انقطاع الوكالة وما ترتب عليها ان مات الموكل بلا علم من التوكيل (١) وان خرج من الوكالة أو الاستخلاف أو الآمر على أخذ الحق قبل أخذه بلا علمه بالنزاع فأخذه بعد النزع فخلف أيضا بطلان وكالته وما بعدها فى فعله من الآخذ وهو خلاف صريح فقبل بطل أخذه ولصاحب الحق حقه على من كان عليه قبل وان ضاع ضمنه أن علم معطيه بالموت فأعطاه مع ذلك فلا ضمان عليه ان لم يضيع وان رضى الورثة ولم يرجع الآخذ جاز وقيل لم يبطل فقد برئ من عليه الحق وان ضاع بلا تضييع لم يضمن وان ضيع ضمن للورثة والمختار ان فعله صحيح ماض لأنه علم بالنزاع أو بالموت (٢).

ما يفسد الوصية وما لا يفسدها

وما يترتب على ذلك

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع أن الوصية عقد غير لازم فى حق الموصى حتى يملك الرجوع عندنا مادام حيا لأن الموجود قبل موته مجرد ايجاب وهو محتمل فى عقد المعاوضة فهو بالتبرع أولى كما فى الهبة والصدقة الا بالتدبر المطلق خاصة فانه لازم لا يحتمل الرجوع أصلا وان كان وصية لأنه ايجاب يضاف الى الموت ولهذا يعتبر من الثلث لأنه سبب لثبوت العتق والعتق لازم.

وكذا بين لأنه حكم لازم وكذا التدبير المقيد لا يحتمل الرجوع نصا ولكنه يحتمل دلالة بالتمليك من غيره لأن العتق فيه يتعلق بموت موصوف بصفة وقد لا توجد تلك الصفة فلا يستحكم السبب ثم الرجوع قد يكون نصا وقد يكون دلالة وقد يكون ضرورة.

أما النص فهو أن يقول الموصى رجعت وأما الدلالة فقد تكون فعلا وقد تكون قولا وهو أن يفعل فى الموصى به فعلا يستدل به على الرجوع أو يتكلم بكلام يستدل به على الرجوع وبيان هذه الجملة أن يفعل فى الموصى به فعلا لو فعله فى المغصوب لانقطع به ملك المالك فانه يكون رجوعا كما اذا أوصى بثوب ثم قطعه وخاطه قميصا أو قباء أو أوصى بقطن ثم عزله أو لم يغزله ثم نسجه أو أوصى بحديدة ثم صنع منها أناء أو سيفا أو سكينا أو أوصى بفضة ثم صاغ منها حليا ونحو ذلك لأن هذه الأفعال لما أوجبت بطلان حكم ثابت فى المحل وهو الملك فلأن توجب بطلان مجرد كلام من غير حكم أصلا أولى ثم وجه الدلالة منها على التفصيل أن كل واحد منها تبديل العين وتصييرها شيئا آخر معنى وأسما فكان استهلاكا من حيث المعنى فكان دليل الرجوع فصار كالمشترى بشرط‍ الخيار اذا فعل فى المبيع فعلا يدل على ابطال الخيار يبطل خياره والأصل فى اعتبار الدلالة اشارة النبى صلّى الله عليه وسلّم بقوله للمخيرة ان وطئك زوجك فلا خيار لك ولو أوصى بقميص ثم نقضه فجعله قباء فهو رجوع لأن الخياطة فى ثوبه غير


(١) شرح النيل وشتاء العليل للشيخ محمد أطفيش الجزء الرابع طبع مطبعة محمد بن يوسف البارونى وشركاء ص ٤٨٧، ٤٨٨
(٢) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٤٨٨ الطبعة السابقة