للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واذا حضر (١) خصوم واحد بعد واحد قدم الاول فالاول لان الاول سبق الى حق له فقدم على من بعده، كما لو سبق الى موضع مباح.

وان حضروا فى وقت واحد او سبق بعضهم واشكل السابق اقرع بينهم.

فمن خرجت له القرعة قدم لانه لا مزية لبعضهم على بعض فوجب التقديم بالقرعة كما قلنا فيمن أراد السفر ببعض نسائه.

فان ثبت السبق لاحدهم فقدم السابق غيره على نفسه جاز لان الحق له فجاز أن يؤثر به غيره.

وان تقدم الى الحاكم اثنان فادعى احدهما على الاخر حقا فقال المدعى عليه انا جئت به وانا المدعى. قدم السابق بالدعوى، لان ما يدعيه كل واحد منهما محتمل، وللسابق بالدعوى حق السبق فقدم.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى (٢): انه اذا نزل بالقاضى الامر المشكل عليه مثله شاور فيه اهل العلم والامانة على معنى أن الحاكم اذا حضرته قضية تبين له حكمها فى كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، او اجماع، أو قياس جلى، حكم، ولم يحتج الى رأى غيره، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه الى اليمن: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قال: فان لم تجد؟ قال: اجتهد رأيى، ولا آلو، قال: الحمد لله الذى وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فان احتاج الى الاجتهاد استحب له أن يشاور، لقول الله تبارك وتعالى «وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ».

قال الحسن: أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لغنيا عن مشاورتهم، وانما اراد ان يستن بذلك الحكام بعده.

وقد شاور النبى صلّى الله عليه وسلم اصحابه فى أسارى بدر، وفى مصالحة الكفار يوم الخندق، وفى لقاء الكفار يوم بدر.


(١) المهذب للشيرازى ج ٢ ص ٢٩٨، ص ٢٩٩ الطبعة السابقة.
(٢) المغنى لابن قدامة المقدسى ويليه الشرح الكبير على متن المقنع ج ١١ ص ٣٩٥، ص ٣٩٦، ص ٣٩٧، ص ٣٩٨ الطبعة السابقة.