للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند الخوف، لأن دم المسلم أو الذمى لا يباح بالخوف.

[مذهب الحنابلة]

وقال الحنابلة (١): وإذا تضمن رمى الكفار إتلاف النساء والذرية الذين يحرم إتلافهم قصدا، وكان لا يقدر عليهم إلا بذلك، جاز الرمى بالنار والإحراق.

وإن تترس الأعداء أثناء الحرب بنسائهم وصبيانهم جاز رميهم بقصد المقاتلة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم رماهم بالمنجنيق ومنهم النساء والصبيان، ولأنهم متى علموا ذلك تترسوا بهم عند حرقهم فينقطع الجهاد .. وذلك سواء كانت الحرب ملتحمة أو غير ملتحمة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن يتحين بالرمى حال التحام الحرب.

وقالوا: إن تترسوا بمسلم ولم تدع الحاجة إلى رميهم، لكون الحرب غير قائمة أو لإمكان القدرة عليهم بدونه، أو للأمن من شرهم، لم يجز رميهم، فإن رماهم فأصاب مسلما فعليه الضمان، فان دعت الحاجة إلى رميهم للخوف على المسلمين جاز رميهم لأنها حالة ضرورة، وذلك إذا لم يقدر عليهم إلا بالرمى وكانت الحرب قائمة، لأن ترك ذلك يفضى إلى تعطيل الجهاد … فعلى هذا، فإن قتل الرامى مسلما فعليه الكفارة، وفى الدية رأيان: أحدهما أنها تجب لأنه قتل مؤمنا خطأ فيدخل فى عموم الآية .. ومن قتل مؤمنا خطأ، والثانى أنه لا دية عليه لأنه قتل فى دار الحرب برمى مباح فيدخل فى عموم قوله تعالى «فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» ولم يذكر الدية.

[مذهب الزيدية]

واشترط‍ الزيدية (٢): لرمى المشركين بالنار وحرقهم ألا يكون معهم صبية أو نساء، وإلا فلا يجوز الإحراق إلا لضرورة ملجئة، وهى تعذر دفعهم عن المسلمين أو تعذر قتلهم دون الترس.

[مذهب الإمامية]

وقال الإمامية (٣): لو تترس الأعداء بالنساء أو الصبيان منهم كف عنهم إلا فى حال التحام الحرب، وكذا لو تترسوا بالأسارى من المسلمين.

فإذا قتل الأسير المسلم ولم يكن من الممكن جهادهم إلا كذلك، فلا يلزم القاتل بالدية. وفى الكفارة خلاف، فقال بعضهم تلزمه «الكفارة»، وقال البعض الآخر لا تلزمه.

الإحراق فى قتال البغاة

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية (٤): يقاتل أهل البغى بالمنجنيق والحرق وغير ذلك مما يقاتل به أهل الحرب، لأن قتالهم لدفع شرهم


(١) المغنى ج‍ ١٠ ص ٥٠٢ وما بعدها.
(٢) شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ٥٤١، ٥٥٠ والبحر الزخار ج‍ ٥ ص ٤١٤ وما بعدها.
(٣) المختصر المنافع ص ١٣٦ والروضة البهية ج‍ ١ ص ٢٢٠ وشرائع الإسلام ج‍ ١ ص ١٤٨.
(٤) بدائع الصنائع ج‍ ٧ ص ١٤١ والفتاوى الهندية ج‍ ٢ ص ٢٨٤.