للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً} (١).

[الحقوق التى لم تجب]

ذكرنا فيما سبق أن الحق قبل وجوبه لا يقبل الاسقاط‍ وان اسقاطه ليس اسقاطا حقيقة وانما هو امتناع عن الحق فى المستقبل فهو مجرد وعد فلا يلزم. وليس من هذا الباب التطليق والعتق المضافان الى الملك عند الحنفية.

فان الاسقاط‍ منهما لم يحصل الا عند ثبوت الملك بالفعل غاية الأمر أن الصيغة وجدت قبل ثبوت الحق. ومنع التعليق سببيتها للاسقاط‍ حتى يحصل الملك فتثبت السببية بناء عليه ويحصل الاسقاط‍ لوجود سببه حينئذ. ويبنى على هذا الأصل مسائل:

[منها: بعض شروط‍ النكاح]

ومن الحقوق التى لا تقبل الاسقاط‍ لأنها لم تجب بعد بعض الشروط‍ التى تشترط‍ فى عقد النكاح كما اذا اشترط‍ الزوج على زوجته أن لا يعطيها مهرا فتزوجها على ألا مهر لها .. فان هذا اسقاط‍ لحق المرأة فى المهر ولكنه لا يصح لأن حقها فى المهر لم يثبت بعد اذ المهر انما يجب بالعقد ويتأكد بالدخول والموت والخلوة والشرط‍ وقع قبل تمام العقد أى قبل وجوب المهر فلم

يصادف محلا. فوقع غير صحيح ..

ولكن ما أثر هذا الشرط‍ على العقد

[مذهب الحنفية]

يقول الحنفية: ان هذا شرط‍ لا يقتضيه العقد ولا يؤكد مقتضاه ولم يجر به عرف ولم يجئ بجوازه الشرع بل ان الشرع قد جاء بايجاب المهر فهو شرط‍ مخالف لمقتضى حكم الشرع فيكون فاسدا وهو أيضا اسقاط‍ لحق يجب بالعقد قبل تمام العقد.

والمقرر عندهم أن عقد النكاح لا يؤثر فيه الشرط‍ الفاسد. فيبطل الشرط‍ ويصح العقد. ويجب عندهم فى هذه الحالة مهر المثل. اذ بهذا الشرط‍ أصبح النكاح بدون تسمية مهر فيلجأ الى مهر المثل لما روى أن رجلا سأل عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عن امرأة مات عنها زوجها ولم يكن قد فرض لها شيئا فجعل يرده شهرا ثم قال: أقول فيه برأيى فان يك صوابا فمن الله ورسوله. وان يك خطأ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله بريئان.

أرى لها مهر مثلها لا وكس ولا شطط‍.

فقام رجلان وقالا: نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فى امرأة يقال لها بروع بنت واشق بمثل قضيتك هذه. فسر ابن مسعود رضى الله عنه لموافقة قضائه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا الحديث صريح فى أن المهر اذا لم يذكر فى


(١) الآية رقم ١١ من سورة النساء.