للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاسم رحمه الله تعالى ورواية المصريين عن ذلك (١).

وأما الحيوان الذى لا يتوقى النجاسة اذا عصر الاحتراز منه كالهر والفأرة فأنه لا يكره استعمال سؤره من الماء لمشقة الاحتراز منه ولما ورد فى الهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الهرة ليست بنجس انما هى من الطوافين عليكم والطوافات هكذا رواه مالك فى الموطأ (٢).

[مذهب الشافعية]

جاء فى المهذب: أنه اذا اختلط‍ بالماء شئ طاهر ولم يتغير به لقلته لم يمنع الطهارة به لأن الماء باق على اطلاقه وان لم يتغير به لموافقته الماء فى الطعم واللون والرائحة كماء ورد انقطعت رائحته ففيه وجهان:

أحداهما ان كانت الغلبة للماء جازت الطهارة به لبقاء اسم الماء المطلق وان كانت الغلبة للمخالط‍ لم يجز لزوال اطلاق اسم الماء.

والثانى ان كان ذلك قدرا لو كان مخالفا للماء فى صفاته لم يغيره لم يمنع وان كان قدرا لو كان مخالفا له غيره منع لأن الماء لما لم يغير بنفسه غير بما يغيره وان تغير أحد أوصافه من طعم أو لون أو رائحة نظرت فان كان مما لا يمكن حفظ‍ الماء منه كالطحلب وما يجرى عليه الماء من الملح والنورة وغيرهما جاز الوضوء به لأنه لا يمكن صون الماء عنه فعفى عنه كما عفى عن النجاسة اليسيرة والعمل القليل فى الصلاة وان كان مما يمكن حفظ‍ الماء منه نظرت فان كان ملحا انعقد فى الماء لم يمنع الطهارة به لأنه كان ماء فى الأصل فهو كالثلج اذا ذاب فيه وان كان ترابا خرج فيه لم يؤثر لأنه يوافق الماء فى التطهير فهو كما لو طرح فيه ماء آخر فتغير به وان كان شيئا سوى ذلك كالزعفران والتمر والدقيق والملح الجبلى والطحلب اذا اخذ ودق وطرح فيه وغير ذلك مما يستغنى الماء عنه لم يجز الوضوء به لأنه زال عنه اطلاق اسم الماء بمخالطة ما ليس بمطهر والماء مستغن عنه فلم يجز الوضوء به كماء اللحم وماء البقلا وان وقع فيه ما لا يختلط‍ به فتغيرت به رائحته كالدهن الطيب والعود ففيه قولان.

قال فى البويطى لا يجوز الوضوء به كما لا يجوز بما تغير بالزعفران وروى المزنى رحمه الله تعالى أنه يجوز الوضوء به لأن تغيره عن مجاوره فهو كما لو تغير بجيفة بقرب وان وقع فيه قليل كافور فتغير به ريحه ففيه وجهان احدهما لا يجوز الوضوء به كما لو تغير بالزعفران والثانى يجوز لأنه لا يختلط‍ به وانما يتغير من جهة المجاورة (٣).

اما اذا أوقعت فى الماء نجاسة فلا يخلو من ان يكون الماء راكدا أو جاريا أو بعضه جاريا فان كان راكدا نظرت فى النجاسة فان كانت نجاسة يدركها الطرف من خمر أو بول أو ميتة لا نفس سائلة نظرت فان تغير أحد أوصافه من طعم أو لون أو رائحة فهو نجس لقوله صلّى الله عليه وسلم الماء طهور لا ينجسه شئ الا ما غير طعمه أو ريحه فنص على الطعم والريح وقسنا اللون عليهما لأنه فى معناهما وان تغير بعضه دون بعض نجس الجميع لأنه ماء واحد فلا يجوز أن ينجس بعضه دون بعض فان لم يتغير نظرت فان كان الماء دون القلتين فهو نجس وان كان قلتين فصاعدا فهو طاهر لقوله صلى الله عليه وسلم اذا كان الماء قلتين فانه لا يحمل الخبث ولأن القليل يمكن حفظه من النجاسة فى الظروف والكثير لا يمكن حفظه من النجاسة فجعل القلتان حدا فاصلا بينهما والقلتان خمسمائة رطل بالببغدادى لأنه روى فى الخبر بقلال هجر قال: ابن جريج رأيت قلال هجر


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٧٥ الطبعة السابقة
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٧٧ الطبعة السابقة
(٣) المهذب للامام أبى اسحاق الشيرازى ج ١ ص ٥ فى كتاب اسفله النظم المستعذب فى شرح غريب المهذب لابن بطال طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى بمصر