[مذهب الحنابلة]
اذا حجر على المفلس بسبب افلاسه وجب على القاضى أن يبيع ماله لما ذكر عن حديث معاذ، ولأن هذا هو مقصود الحجر ومحل وجوب ذلك ان كان مال المفلس من غير جنس الديون. أما إن كانت ديون الدائنين من جنس الأثمان فإنهم يأخذون الأثمان إن وجدت فى مال المفلس. ولا يحتاج القاضى الى استئذان المفلس فى البيع لأنه محجور عليه يحتاج الى قضاء دينه فجاز بيع ماله بغير اذنه. لكن يستحب للقاضى احضار المفلس أو وكيله وقت البيع لفوائد.
منها احصاء ثمن متاعه وضبطه.
ومنها أنه أعرف بثمن متاعه وجيده ورديئه.
فإذا حضر تكلم عليه وعرف الغبن من غيره ومنها ان الرغبة تكثر فيه فان شراءه من صاحبه أحب الى المشترين.
ومنها أن تلك أطيب لنفسه.
وكذلك يستحب له أيضا احضار الدائنين عند البيع، لأن مال المفلس يباع لهم وربما رغبوا فى شئ من مال المفلس فيكون أصلح لهم وللمفلس وأنه أطيب لقلوبهم وأبعد عن التهمة.
وربما يجد أحدهم عين ماله فيأخذها. فإن لم يفعل القاضى ذلك وباع مال المفلس من غير حضوره ولا حضور الدائنين فانه يجوز لأن ذلك مفوض اليه وموكول الى اجتهاده فربما أذاه اجتهاده الى خلاف ذلك والمبادرة الى البيع قبل احضارهم.
ويأمر القاضى كلا من المفلس والدائنين أن يقيموا مناديا ينادى على المتاع لأنه مصلحة فان تراضوا بثقة أمضاه القاضى وان لم يكن ثقة رده.
وان اختار المفلس رجلا واختار الدائنون آخر أقر القاضى الثقة منهما. فان كان كل منهما ثقة قدم القاضى المتطوع منهما لأنه أوفر فان كانا متطوعين ضم القاضى أحدهما الى الآخر ويستحب للقاضى أو أمينه أن يبيع كل شئ فى سوقه لأنه أحوط وأكثر لطلابه ومعرفة قيمته ويجوز بيعه فى غير سوقه لأن الغرض تحصيل الثمن وربما أدى الإجتهاد الى أن ذلك أصلح من بيعه فى سوقه بشرط أن يبيعه بثمن مثله المستقر وقت البيع أو أكثر منه فلا اعتبار بحال الشراء. فان باعه القاضى بدون ثمن المثل لم يجزه ويبيعه بنقد البلد لأنه أصلح فان كان فى البلد نقود متعددة باعه بأغلبها رواجا فإن تساوت باعه بجنس الدين وان زاد فى ثمن السلعة أحد بعد بيعها فى مدة الخيار لزم القاضى أو أمينه الفسخ لأنه أمكنه بيعه بثمين فلم يجز بيعه بدونه كما لو زيد فيه قبل البيع.
وان زيد فى السلعة بعد لزوم البيع استحب للقاضى أو أمينه سؤال المشترى الاقالة. ويستحب للمشترى ان يستجيب الى ذلك لأنه معاونة على قضاء دين المفلس. ولا يحرم كل هذا للحاجة الماسة اليه.
ويبدأ القاضى أو أمينه بيع أقل مال للمفلس بقاء وأكثره مؤنة فيبيع أولا ما يسرع اليه الفساد كالطعام والرطب والفاكهة ثم يبيع الحيوان لانه معرض للاتلاف ويحتاج الى مؤنة فى بقائه ثم يبيع السلع والأثاث لأنه يخاف عليه وتتناوله الأيدى، ثم يبيع العقار، لانه لا يخاف تلفه وبقاؤه اشهر له واكثر لطلابه. ويجب على القاضى أو أمينه أن يترك للمفلس من ماله ما يحتاجه من مسكن صالح لمثله لأنه لا غنى للمفلس عنه فلا يباع فى دينه كثيابه وقوته. وان كان له مسكن واسع يفضل عن سكنى مثله باعه القاضى واشترى له مسكنا مثله، لاندفاع حاجته به ويرد الفضل من ثمنه على الدائنين جميعا بين المصلحتين. وكذلك ثياب المفلس إذا كانت رفيعة لا يلبس مثله مثلها. يجب على القاضى أيضا أن يترك للمفلس آلة حرفته ان كان ذا صنعة فلا يبيعها عليه لحاجته اليها كثيابه ومسكنه. فان لم يكن المفلس صاحب حرفة وجب على القاضى أن يترك له شيئا من ماله يتجر به لتحصيل مؤنته ان كان تاجرا.
وهذا إذا لم يكن الشئ الواجب تركه للمفلس من مسكن وثياب وآلة عين مال أحد الدائنين فان كان ذلك عين مال أحدهم أو كان مال المفلس كله أعيان أموال أفلس بأثمانها ووجدها أصحابها فلهم أخذها بشروطها التى سيأتى بيانها ولا يترك للمفلس شئ من ذلك حتى ولو كان محتاجا اليه لأن حق الدائن تعلق بالعين فكان أقوى سببا من المفلس. ولأن