للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسلمه له قبل قبض الثمن، ويبقى الثمن فى ذمته بدلا من أخذه وإعادته إليه. ويبيع القاضى على المفلس كل ماله حتى ولو كان مركوبا أو فراشا أو كتبا أو مسكنا محتاجا اليه لمنصبه أو لغيره فى الاصح لأنه يسهل تحصيل هذه الاشياء بأجرة من كسبه أو من بيت المال فان تعذر فعلى مياسير المسلمين مواساة لا قرضا. وكذلك تباع على المفلس آلات حرفته ان كان محترفا، ورأس مال تجارة وان توقف الكسب عليهما على المعتمد. ويترك للمفلس من الثياب كسوة كاملة ولو غير جديدة بشرط‍ ان يبقى فيها نفع عرفا فيما يظهر. وان تكون مما تليق به حال الافلاس وان كان من عادته ان يلبس فوق ما يليق به. ولو كان يلبس قبل الافلاس دون اللائق به تقتيرا لم يزد عليه. ويترك له هذا ان وجد ضمن ماله فان لم يوجد اشتراه له القاضى لأن الحاجة الى الكسوة كالحاجة الى النفقة، ويترك لعياله من الثياب كما يترك له. وكذلك يتسامح للمفلس فى الفراش القليل القيمة كحصير وليد، وكذلك آلة الاكل والشرب التافهة القيمة ويترك للعالم المفلس كتبه ما لم يستغن بغيرها من كتب الوقف اما المصحف فلا يترك للمفلس الا اذا كان بمحل لا حافظ‍ فيه للقرآن كما يترك قوت يوم القسمة للمفلس ولمن تلزمه نفقته لأنه موسر فى أوله بخلاف ما بعده لعدم ضبطه ولأن حقوقهم لم تجب فيما بعده اصلا واذا قبض القاضى شيئا من اثمان اموال المفلس فانه يستحب له ان يقسم ما قبضه منها على التدريج بين الدائنين بنسبة ديونهم لتبرأ منه ذمته ويصل الحق الى مستحقه. وهذا الاستحباب ان لم يطلب الدائنون قسمته اما ان طلبوا ذلك كلهم أو واحد منهم فانها تجب عليه الا ان يعسر قسم ما حصل من المال بينهم لقلته وكثرة الدائنين فللقاضى ان يؤخر القسمة ليجتمع ما تسهل قسمته وان ابى الدائنون.

ولا يكلف الدائنون عند القسمة الاثبات بان لا دائن سواهم لاشهار الحجر، فلو كان ثم دائن لظهر ولأن وجود دائن اخر لا يمنع الاستحقاق من أصله ولا يتحتم مزاحمته لجواز ابرائه المفلس من دينه وان كان النقد الذى بيع به مال المفلس من غير جنس دين الدائن أو من غير نوعه أو صفته ولم يرض الدائن الا بجنس حقه أو نوعه أو صفته اشترى له القاضى ذلك وجوبا، لأنه واجبه وان رضى بذلك جاز صرف النقد اليه الا فى السلم ونحوه من كل ما يمتنع الاعتياض عنه كبيع فى الذمة فلا يجوز صرفه اليه وان رضى لامتناع الاعتياض عن المسلم فيه ونحوه قبل قبضه. ولو رضى الدائنون المتصرفون لأنفسهم بأخذ اعيان مال المفلس فى ديونهم من غير بيع جاز.

ولو غاب دائن وعرف قدر حقه قسم عليه. وان لم يعرف ولم تمكن مراجعته ولا حضوره رجع فى قدره الى المفلس فان حضر الدائن الغائب وظهر له زيادة فهو كظهور دائن بعد القسمة وسيأتى تفصيله وان امكنت مراجعته وجب الارسال اليه. ومؤنة المال كأجرة الكيال والحمال والقاسم والبيت الذى فيه المال مقدمة على سائر الدائنين ان عدم متبرع بها ولم يتسع بيت المال لها، والا فلا يصرف اليها من مال المفلس شئ. واذا تأخرت قسمة ما قبضه القاضى فالأولى الا يجعله عنده للتهمة بل يقرضه أمينا موسرا يرتضيه الدائنون غير مماطل، ولا يكلف رهنا لأنه انما قبله لمصلحة المفلس فان لم يوجد أودعه القاضى عند ثقة يرضاه الدائنون .. فان اختلفوا فيمن يوضع عنده أو عينوا غير ثقة فمن رأه القاضى من العدول أولى واذا تلف المال عنده فمن ضمان المفلس ولو بعد مماته لا من ضمان الحاكم أو المودع. ولو تلف بيد القاضى ما افرز للدائن الغائب بعد اخذ الحاضر حصته أو أفرازها فعلى القاضى: ان الغائب لا يزاحم من قبض أى فيبقى دينه فى ذمة المفلس. واذا استحق شئ مما باعه القاضى أو امينه على المفلس قبل القسمة أو بعدها والثمن المقبوض غير باق قدم المشترى ببدله على الدائنين ولا يقاسم معهم على الاصح لئلا يرغب الناس عن شراء مال المفلس فكان التقديم من مصالح الحجر وليس القاضى ولا أمينه طريقا فى الضمان لأنه نائب الشرع (١)


(١) نهاية المحتاج ج ٣ ص ٣١٥ وما بعدها شرح منهاج الطلاب ج ٢ ص ٣٦٩ وما بعدها أسنى المطالب ج ٢ ص ١٨٥ وما بعدها تحفه المحتاج ج ٢ ص ١٢٨ وما بعدها