للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى (١): من حلف على شئ ثم قال موصولا بكلامه ان شاء الله تعالى أو الا أن يشاء الله أو الا أن لا يشاء الله أو نحو هذا، أو قال: الا أن أشاء، أو الا أن لا أشاء، أو الا أن بدل الله ما فى قلبى، أو الا أن يبدو لى أو الا أن يشاء فلان، أو أن شاء فلان - فهو استثناء صحيح وقد سقطت اليمين عنه بذلك ولا كفارة عليه ان خالف ما حلف عليه. فلو لم يصل الاستثناء بيمينه لكن قطع قطع ترك للكلام ثم ابتدأ الاستثناء لم ينتفع بذلك وقد لزمته اليمين فان حنث فيها فعليه الكفارة .. ولا يكون الاستثناء الا باللفظ‍ وأما بنية دون لفظ‍ فلا .. لقول الله تعالى «وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ» فهذا لم يعقد اليمين ونحن على يقين من أن الله تعالى لو شاء تمام تلك اليمين لانفذها وأتمها فاذا لم ينفذها عز وجل ولا أتمها فنحن على يقين من أنه تعالى لم يشأ كونها، وهو انما التزمها ان شاء الله تعالى، والله تعالى لم يشأها فلم يلتزمها قط‍ ..

وكذلك اشتراطه مشيئة نفسه أو مشيئة زيد لأن مشيئته لا تعلم الا من قبله فهو مصدق فيها ومشيئة زيد لا ندرى أصدق فى دعواه أنه شاء أو لم يصدق، ولا ندرى أيضا أصدق فى دعواه انه لم يشأ أو لم يصدق؟ فلسنا على يقين من لزوم هذه اليمين التى حلف بها فلم يجز أن تلزمه كفارة بالشك.

وفى الحديث عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث)، فهذا دليل فى مشيئة الله. وروى عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف فاستثنى فان شاء رجع وان شاء ترك غير حنث فهذا عموم لكل استثناء كما ذكرنا.

وقوله صلى الله عليه وسلم فقال: ان شاء الله، أو فاستثنى - يقتضى القول والقول لا يكون الا باللسان ولا يكون بالنية أصلا وقال قوم ان استثنى فى نفسه أجزأه وعن ابراهيم النخعى قال:

لا حتى يجهر بالاستثناء كما جهر باليمين وعن حماد فى الاستثناء ليس بشئ حتى يسمع نفسه، وعن الحسن البصرى اذا حرك لسانه أجزأ عنه الاستثناء ..

قال أبو محمد وبهذا نقول لانه قول صحيح يعنى حركة اللسان وأما وصل الاستثناء باليمين فان أبا ثور قال: لا يكون مستثنيا حتى ينوى الاستثناء فى حين نطقه باليمين لا بعد تمامها لأنه اذا أتم اليمين ولم ينو فيها الاستثناء كان قد عقد يمينه فلزمته، ولا ينفع الاستثناء، قال أبو محمد ولا يعترض بالنظر (الرأى) على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه السلام: (من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث) فأثبت له اليمين أولا ثم أسقطها صلى الله عليه وسلم عنه بقوله فقال ان شاء الله -


(١) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج‍ ٨ ص ٤٤، ٥٢ مسألة ١١٣٧.