للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رابعًا: الزيدية

يقول الشوكانى بعد أن أوضح الخلاف بين علماء الأصول في صيغة افعل وما في معناه هل هي حقيقة في الوجوب أو فيه مع غيره أو في غيره. (١)

"اعلم أن هذا النزاع إنما هو في المعنى الحقيقى للصيغة وأما مجرد استعمالها فقد تستعمل في معان كثيرة".

ثم قال بعد أن نقل عن الرازى في المحصول خمسة عشر وجها بأمثلتها:

"فهذه خمسة عشر معنى ومن جعل التأديب والإنذار معنيين مستقلين جعلها سبعة عشر معنى. وجعل بعضهم من المعانى: الإذن نحو {كُلُوا مِنْ الطَيِّبَاتِ} والخبر نحو {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} والتفويض نحو {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} (٢) والمشورة كقوله {فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} (٣) والاعتبار نحو {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} (٤) والتكذيب نحو {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} (٥) والالتماس كقولك لنظيرك "افعل" والتلهيف نحو {مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} والتبصير نحو {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} (٦) فتكون جملة المعانى ستة وعشرين معنى.

خامسًا: الشيعة الجعفرية والإباضية

يصور الكاظمى مسلك الشيعة الجعفرية في كتابه فوائد الأصول إذ أنهى معاني صيغة الأمر إلى أربعة وعشرين معنى عد منها الطلب والتعجيز والتهديد وغير ذلك مما لا يخرج عما سبق إيراده (٧) وأما الإباضية فيقول صاحب طلعة الشمس:

"حكم الأمر المعرف بأن طلب فعل غير كف لا على وجه الدعاء هو الوجوب وضعًا وشرعا ما لم تصرفه عن معنى الوجوب قرينة. (٨)

فإن قامت قرينة تمنع الأمر من إرادة الوجوب صرف إلى ما تقتضيه القرينة من المعانى مجازًا كما صرف إلى الندب والإباحة والإرشاد وإرادة الامتثال والإذن والتأديب والامتنان والتهديد ومثل لكل من هذه المعانى. (٩)

[ما تفيده الصيغة على سبيل الحقيقة]

" اتفق الأصوليون على أن صيغة افعل مجاز فيما سوى الطلب والتهديد والإباحة غير أنهم اختلفوا فمنهم من قال إنها مشتركة بين الطلب للفعل وبين التهديد المستدعى لترك الفعل وبين الإباحة المخيرة بين الفعل والترك. ومنهم من قال إنها حقيقة في الإباحة مجاز فيما سواها. ومنهم من قال أنها حقيقة فى الطلب مجاز فيما سواه".

هذا هو تلخيص الآمدى للمسألة وقد علق على الرأى الأخير بقوله: "وهو الأصح" (١٠) وفيما يلى آراء الأصوليين.


(١) إرشاد الفحول ص ٩٧.
(٢) آية ٧٢ سورة طه.
(٣) آية ١٠٢ سورة الصافات.
(٤) آية ٩٩ سورة الأنعام.
(٥) آية ٣٤ سورة الأنبياء.
(٦) آية ٨٣ سورة الزخرف.
(٧) فوائد الأصول ص ٦٦
(٨) طلعة الشمس جـ ١ ص ٣٨.
(٩) المصدر السابق ص ٣٩.
(١٠) الإحكام للآمدى جـ ٢ ص ٢٠٨.