للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضمان لاستوائهما فى السبب، وهذا لأن السوق والقود فى الطريق مباح مقيد بشرط‍ السلامة بمنزلة الركوب، فكما أن الراكب يجعل ضامنا بما تلف بسبب يمكن التحرز عنه، فكذلك السائق والقائد.

والمعنى فى الكل أن الدابة فى يده فعليه أن يتحرز عما يمكن التحرز عنه فى صرف الدابة بسوقه أو بقوده.

وان كان معهما سائق للابل وسط‍ القطار فالضمان فى جميع ذلك عليهم أثلاثا، لأن الذى هو فى وسط‍ القطار سائق لما بين يديه، فعليه أن يتحرز عما يمكن التحرز عنه من الابل قائدا لما خلفه، والسائق والقائد فى حكم الضمان سواء، وكذلك ان كان يكون أحيانا فى وسطها، وأحيانا يتقدم وأحيانا يتأخر، لأنه فى جميع هذه الأحوال سائق للقطار أو قائد.

ولو كان الرجل راكبا وسط‍ القطار على بعير ولا يسوق منها شيئا لم يضمن .. وهو معهم فى الضمان فيما أصاب الذى هو عليه وما خلفه.

أما ما فى البعير الذى هو عليه، فلأنه راكب والراكب شريك السائق والقائد فى الضمان.

وأما ما خلفه فلأنه قائد لما خلفه لأن ما خلفه زمامه مربوط‍ ببعيره ومشى البعير الذى هو عليه يضاف الى الراكب فيجعل هو بهذا المعنى كالقائد لما خلفه.

ولو سقط‍ شئ مما تحمل الابل على انسان فقتله أو سقط‍ بالطريق فعثر فمات كان الضمان فى ذلك على الذى يقود الابل وان كان معه سائق فالضمان عليهما (١).

واذا شهد شاهدان على رجل بقتل عمد وقبلت شهادتهما، ثم رجعا بعد القصاص، فعليهما الدية فى مالهما، وذلك أن الشاهد سبب للقتل، والسبب لا يوجب القصاص، كحفر البئر، وهذا لأنه يعتبر فى القصاص المساواة، ولا مساواة بين السبب والمباشرة، فعرفنا أن الشاهد غير مباشر حقيقة ولا حكما (٢)، فاذا لم يجب القود عليهما كان عليهما الدية ان رجعا، وان رجع أحدهما فعليه نصف الدية، لأن كل واحد منهما سبب لاتلاف نصف النفس.

[مذهب المالكية]

اذا أمسك انسان شخصا لآخر يبغى قتله، فقتله وكان الممسك يعلم ذلك ولولا امساكه اياه لما تمكن قاتله من قتله - اقتص من الممسك لتسببه كما


(١) المبسوط‍ ج ٢٧ ص ٣، ٤.
(٢) المبسوط‍ ج ٢٦ ص ١٨١.