للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبتاع الشخص طعاما من المصر أو من مكان يجلب طعامه إلى المصر ويحبسه إلى وقت الغلاء».

ونبه الكاسانى الحنفى إلى قيد يفيد حكمة المنع من الإحتكار (١): فأضاف إلى التعريف قيد أن يكون ذلك يضر بالناس بدل قولهم (إلى وقت الغلاء).

[مذهب المالكية]

أما المالكية فيصورون الاحتكار بما تفيده عبارة المدونة برواية سحنون (٢): أنه سمع مالكا يقول: الحكرة فى كل شئ فى السوق من الطعام والزيت والكتان والصوف وجميع الأشياء وكل ما اضر بالسوق فيمنع من يحتكر شيئا من ذلك كما يمنع من احتكار الحب».

والمالكية فى هذا التعميم يتفقون مع أبى يوسف فى عدم قصر الإحتكار على الطعام.

[مذهب الشافعية]

عرفه الرملى الشافعى بقوله (٣): أنه اشتراء القوت وقت الغلاء ليمسكه ويبيعه بعد ذلك بأكثر من ثمنه للتضييق.

وبمثله عرفه الإمام النووى الشافعى فى شرحه لصحيح مسلم (٤). وقد انفرد هذا التعريف بتقييد الشراء بكونه وقت الغلاء.

[مذهب الحنابلة]

وعرفه ابن قدامة الحنبلى فى المغنى بقوله (٥): الاحتكار المحرم هو ما اجتمع فيه ثلاثة شروط‍: أن يشترى، وأن يكون المشترى قوتا، وأن يضيق على الناس بشرائه. فهو يتفق مع من يقول ممن قدمنا أن الاحتكار يتحقق بالشراء وتخصيصه بالقوت.

[مذهب الظاهرية]

وأما ابن حزم الظاهرى فقد وافق الجميع فى اعتبار الإضرار بالناس قيدا فى الاحتكار الممنوع، واتجه إلى أنه مرتبط‍ بالشراء ولم يقصره على الطعام وعبارته (٦): الحكرة المضرة بالناس حرام، سواء فى الابتياع أو إمساك ما ابتاع، «والمحتكر فى وقت الرخاء ليس آثما».

[مذهب الزيدية]

والزيدية يخصونه بأن المحبوس قوت آدمى أو بهيمة، ويعممون فى الحبس بما يشمل ما يكون على سبيل الشراء أو غيره ويصور مذهبهم ما جاء فى البخر الزخار (٧) من قولهم: يحرم احتكار قوت الآدمى والبهيمة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم «من احتكر الطعام» (أى الخبز ونحوه) فإنه لم يخصه بالشراء وبذأ يتحقق الاحتكار عندهم مما يكون حبسه بعد الشراء أو


(١) البدائع ج‍ ٥ ص ١٢٩.
(٢) ج‍ ١٠ ص ١٢٣.
(٣) نهاية المحتاج ج‍ ٣ ص ٤٥٦ طبعة مصطفى الحلبى سنة ١٣٥٧ هـ‍ بالقاهرة.
(٤) صحيح مسلم بشرح النووى ج‍ ١٢ ص ٤٢ المطبعة المصرية بالقاهرة.
(٥) المغنى ج‍ ٤ ص ٢٢٠ طبعة المنار بالقاهرة.
(٦) المحلى ج‍ ٩ ص ٧٨ مطبعة الإمام بالقاهرة.
(٧) ج‍ ٣ ص ٣١٩ الطبعة الأولى طبعة أنصار السنة المحمدية سنة ١٣٦٧ هـ‍.