للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انقطاع الموقوف عليه]

[مذهب الحنفية]

جاء في (تبيين الحقائق): أنه لا يجوز الوقف حتى يجعل آخره لجهة لا تتقطع أبدًا كالمساكين ومصالح الحرم والمساجد بخلاف ما لو وقف على مسجد معين ولم يجعل آخره لجهة لا تنقطع فلا يصح؛ لاحتمال أن يخرب الموقوف عليه. وهذا عند أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى. وقال أبو يوسف: إذا سمى فيه جهة تنقطع جاز وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم، ووجه ما قاله أبو حنيفة ومحمد أن حكم الوقف زوال الملك بغير التمليك وأنه بالتأبيد كالعتق، ولهذا كان التوقيت مبطلًا له كالتوقيت في البيع، ووجه ما قاله أبو يوسف أن المقصود من الوقف هو التقرب إلى الله تعالى به وذلك يحصل بجهة تنقطع كما يحصل بجهة لا تنقطع ثم يصير بعدها للفقراء وهذا يدل على أن التأبيد شرط عنده أيضًا إلا أنه لا يشترط ذكره؛ لأن مطلقه ينصرف إليه. ومحمد يقول: لا ينصرف إليه إلا بالتصريح بذكره؛ لأن المطلق يحتمل التوقيت. وصح الوقف قبل وجود الموقوف عليه فلو وقف على أولاد زيد ولا ولد له أو على مكان هيأه لبناء مسجد أو مدرسة صح في الأصح وتصرف الغلة للفقراء إلى أن يولد لزيد أو يبنى المسجد، قال ابن عابدين في حاشيته: هذا الوقف يسمى منقطع الأول (١).

[مذهب المالكية]

جاء في (التاج والإكليل): قال عياض إن قال المالك هو حبس أو وقف فهو صدقة، فإن عينها لمجهولين محصورين مما يتوقع انقطاعه كقوله على ولد فلان أو فلان وولده فاختلف فيه: قال مالك: هي حبس مؤبد يرجع بعد انقراضهم مرجع الأحباس سواء قال ما عاشوا أو لا، قال: وإن جعلها لمجهولين غير محصورين كالمساكين فهى ملك لهم تقسم عليهم إن كانت مما ينقسم أو بيعت وقسمت وأنفقت فيما يحتاج إليه ذلك الوجه المجهول، قال مالك: من قال: هذه الدار حبس على فلان وعقبه، أو عليه وعلى ولده وولد ولده أو قال: حبس على ولدى ولم يجعل لها مرجعًا فهى موقوفة لا تباع ولا توهب وترجع بعد انقراضهم حبسًا على أولى الناس بالتحبيس يوم الرجع وإن كان المُحْبِس. فقيل لابن المواز: من أقرب الناس بالمحبس الذي يرجع إليهم الحبس بعد انقراض من حبس عليهم؟ فقال: قال مالك: على الأقرب من العصبة من النساء من لو كانت رجلًا كانت عصبة للمحبس فيكون ذلك عليهم حبسًا قال مالك: ولا يدخل في ذلك ولد البنات ذكرًا كان أو أنثى ولا بنو الأخوات ولا زوج ولا زوجة، قال ابن القاسم: وإنما يدخل من النساء مثل العمات والجدات وبنات الأخ والأخوات أنفسهن شقائق كن أم لأب ولا يدخل في ذلك الأخوة والأخوات لأم (٢).

[مذهب الشافعية]

جاء في "المهذب": أنه لا يجوز الوقف إلا على سبيل لا ينقطع وذلك من وجهين: أحدهما: أن يقف على من لا ينقرض كالفقراء والمجاهدين وطلبة العلم وما أشبهها. والوجه الثاني: أن يقف على من ينقرض ثم من بعده على من لا ينقرض مثل أن يقف على رجل بعينه ثم على الفقراء أو


(١) تبيين الحقائق: ٣/ ٣٢٦، ٣٢٧.
(٢) التاج والإكليل: ٦/ ٢٧.