للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا ولدت المرأة ولدًا ثم نفى الولد بعد سنة لاعنها ولم ينتف الولد، قال الإمام أبو حنيفة - رضي الله عنه - ولم يكن وقّت فيه وقتًا: إنما أستحسن إذا نفاه حين يولد أو بعد ذلك بيوم أو يومين أو نحو ذلك أن ينتفى باللعان، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى: الوقت فيه أيام النفاس أربعون يومًا.

وفى رواية الحسن بن زياد عن أبى حنيفة: سبعة أيام في هذه المدة يستعد للعقيقة، وإنما تكون العقيقة بعد سبعة أيام. ولكن هذا ضعيف فإن نصب المقدار بالرأى لا يكون، ولو كان الزوج غائبًا حين ولدته فحضر بعد مدة يجعل حقه في حكم النفى كأنها ولدته الآن.

وروى عن أبى يوسف - رحمه الله تعالى - أنه قال: إن حضر قبل الفصال فله أن ينفيه إلى أربعين ليلة، ولو حضر بعد الفصال فليس له أن ينفيه؛ لأنه يقضى بنفقته عليه في ماله الذي خلفه، ولو كان له أن ينفيه بعد الفصال لكان له أن ينفيه بعدما صار شيخًا، وهذا قبيح.

هذا كله إن لم يقبل التهنئة، فأما إذا هُنِّئ فسكت فليس له أن ينفيه بعد ذلك؛ لأن في سكوته عند التهنئة بمنزلة قبوله التهنئة، وذلك بمنزلة الإقرار بنسبه (١).

ثالثًا: إنكار نسب الوارث وما يترتب عليه:

جاء في (بدائع الصنائع): أن ابن الميت لو أقر بابن ابن للميت وصدقه، لكنه أنكر أن يكون المُقِرُ ابنَه، فالقول قول المقِر والمالُ بينهما نصفان استحسانًا.

والقياس: أن يكون القولُ قولَ المقر له، والمال كله له ما لم يقم المقر البينة على النسب.

ووجه القياس: أنهما تصادقا على إثبات وراثة المقر له واختلفا في وراثة المقر فيثبت المتفق عليه، ويقف المختلف فيه على قيام الدليل.

ووجه الاستحسان: أن المقر له استفاد الميراث من جهة المقر، فلو بطل إقراره لبطلت وراثته، وفى بطلان وراثته بطلان وراثة المقر له. وكذلك لو أقر بابنة للميت وصدقته لكنها أنكرت أن يكون المُقِر ابنَه فالقولُ قولُ المقرِ استحسانًا. وعند الإمام أبى حنيفة ومحمد وزفر - رحمهم الله تعالى -: لو أقرت امرأة بأخٍ للزوج الميت وصدقها الأخ، ولكنه أنكر أن تكون هي امرأة الميت فالقول قول المقر له وهو القياس، وعلى المرأة إثبات الزوجية بالبينة، وعند أبى يوسف - رحمه الله تعالى - القول قول المرأة، والمال بينهما على قدر مواريثهما.

ولو أقر زوج المرأة الميتة بأخ لها، وصدقه الأخ لكنه أنكر أن يكون هو زوجها فهو على الاختلاف.

ولو ترك ابنين فأقر أحدهما بأخ ثالث، فإن صدقه الأخ المعروف في ذلك شاركهما في الميراث كما إذا أقرا جميعًا.

وإن كذبه فيه فعند عامة العلماء يقسم المال بين الأخوين المعروفين أولًا نصفين فيدفع النصف إلى الأخ المنكر، وأما النصف الآخر فيقسم بين الأخ المقر وبين المقر له نصفين.

أما عند ابن أبي ليلى: يقسم أثلاثًا ثلثاه للمقر وثلثه للمقر له.


(١) المبسوط: ٧/ ٥١ وما بعدها.