للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل أن كانت صيغته صيغة أمر كاقتق وبع لم ينعزل لأن ذلك اذن واباحة فأشبه ما لو أباح الطعام لغيره فانه لا يرتد برد المباح له وعلى الأول فان قيل كيف ينعزل ذلك مع قولهم لا يلزم من فساد الوكالة فساد التصرف لبقاء الأذن أجيب بأن العزل أبطل ما صدر من الموكل من الأذن فى التصرف فلو قلنا له التصرف لم يفد العزل شيئا بخلاف المسألة المستشهد بها فانه اذا فسد خصوصى الوكالة لم يوجد ما ينافى عموم الأذن ولا فرق بين أن يكون الموكل غائبا أو حاضرا لأنه قطع للعقد فلا يفتقر الى حضور من لا يعتبر رضاه.

قال الأذرعى ولو علم الوكيل أنه لو عزل نفسه فى غيبة موكله لاستملك المال قاض جائر أو غيره فينبغى أن يلزمه البقاء على الوكالة الى حضور موكله أو أمينه على المال (١).

وينعزل بخروج أحدهما أى الموكل والوكيل عن أهلية التعرف بموت أو جنون وان زال عن قرب لأنه لو قارن منع الانعقاد فاذا طرأ قطعه.

قال فى المطلب والصواب أن الموت ليس بعزل بل تنته الوكالة به.

قال الزركشى وفائدة عزل الوكيل بموته انعزال من وكله عن نفسه ان جعلناه وكيلا عنه والاغماء ينعزل به فى الأصح الحاقا له بالجنون والثانى لا ينعزل لأنه لم يلتحق بمن يولى عليه واختاره السبكى تبعا للامام وغيره وعلى الأول يستثنى الوكيل فى رمى الجمار فانه لا ينعزل باغماء الموكل كما مر وانكار الوكالة لنسيان لها أو لغرض له فى الاخفاء كخوف أخذ ظالم المال الموكل فيه ليس بعزل لعذره فان تعمد انكارها ولا غرض له فيه انعزل بذلك لأن الجحد حينئذ رد لها والموكل فى انكارها كالوكيل فى ذلك وما أطلقه الشيخان فى التدبير من جحد الموكل أنه يكون عزلا محمول كما قال ابن النقيب على ما هنا.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير أن الوكالة عقد جائز من الطرفين لكل واحد منهما فسخها متى شاء لأنه أذن فى التصرف فكان لكل واحد منهما ابطاله وتبطل الوكالة بموت الموكل والوكيل وجنون المطلق بغير خلاف علمناه اذا علم الحال وكذلك يبطل بخروجه عن أهلية التصرف كالحجر عليه لسفه لأنه لا يملك التصرف فلا يملكه غيره من جهته كالجنون والموت وكذلك كل عقد جائز كالشركة والمضاربة قياسا على الوكالة فان حجر على الوكيل لفلس فالوكالة بحالها لأنه لم يخرج عن أهلية التصرف وان حجر على الموكل وكانت الوكالة فى أعيان ماله بطلت لانقطاع تصرفه وان كانت فى الخصومة أو الشراء فى الذمة أو الطلاق أو الخلع أو القصاص لم تبطل لأن الموكل أهل لذلك وان فسخه الوكيل ولم ينعزل بفسق أحدهما لخروجه عن أهلية التصرف وان كان وكيلا فى القبول لم ينعزل بفسق موكله لأنه لا ينافى جواز قبوله وهل ينعزل بفسق نفسه على وجهين أولاهما أنه لا ينعزل لأنه يجوز أن يقبل النكاح لنفسه فجاز أن يقبله لغيره كالعدل وان كان وكيلا فيما يشترط‍ فيه الأمانة كوكيل ولى اليتيم وولى الوقف على المساكين ونحو هذا انعزل بفسقه وفسق موكله لخروجهما بذلك عن أهلية التصرف وان كان وكيلا لوكيل من يتصرف فى المال نفسه انعزل بفسقه لأن الوكيل ليس له توكيل فاسق ولا ينعزل بفسق موكله لأن موكله وكيل لرب


(١) مغنى المحتاج الى معرفة معانى ألفاظ‍ المنهاج المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٢١٦