للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنظر وعلى الخلاف اذا طاوعت ابن زوجها أو قبلته بعد موته أو وطئت بشبهة بعد موته فوجب عليها العدة ليس لها أن تغسله عندنا خلافا لزفر.

وكذا لا تغسله اذا انقضت عدتها عندنا من ذلك الغير خلافا لأبى يوسف وكذلك اذا دخل الزوج بأخت امرأته بشبهة ووجبت عليها العدة ثم مات فانقضت عدتها بعد موته فهو على هذا الخلاف وكذلك المجوسى اذا أسلم ثم مات ثم أسلمت امرأته المجوسية لم تغسله عندنا خلافا لأبى يوسف رحمه الله وذكر القاضى فى شرحه مختصر الطحاوى. أن لمرأة أن تغسله فى هذه المواضع عندنا وليس لها أن تغسله عند زفر ولو لم يكن فيهن امرأة ولكن معهم رجل كافر يعلمنه غسل الميت ويخلين بينهما حتى يغسله ويكفنه لأن نظر الجنس الى الجنس أخف وان لم يكن بينهما موافقة فى الدين فان لم يكن معهن رجل ومعهن صبية صغيرة لم تبلغ حد الشهوة وأطاقت الغسل علمتها الغسل ويخلين بينه وبينها حتى تغسله لأن حكم العورة غير ثابت فى حقها وان لم يكن معهن ذلك فانهن لا يغسلنه سواء كل ذوات رحم محرم منه أولا لأن المحرم فى حكم النظر الى العورة والأجنبية سواء فكما لا تغسله الأجنبية فكذا ذوات محارمه وان لم تكن ذات رحم محرم منه يممته بخرقة تلفها بكفها وكذا اذا كانت فيهن أم ولده لا تغسله فى القول الآخر لأبى حنيفة، وفى قوله الأول وهو قول زفر لها أن تغسله لأنها معتدة فأشبهت المنكوحة. ولنا أن الملك لا يبقى فيها ببقاء العدة لأن الملك فيها كان ملك يمين وهو يعتق بموت السيد والحرية تنافى ملك اليمين فلا يبقى بخلاف المنكوحة فان حريتها لا تنافى ملك النكاح وكذا اذا كان فيهن أمته أو مدبرته أما الأمة فلأن ملكه زال عنها بالموت الى الورثة غير أنه اذا يممته فبدون خرقة وأما المدبرة فلأنها تعتق ولا يجب عليها العدة ثم أم الولد لا تغسله يبقى بخلاف المنكوحة فان حريتها لا تنافى ملك فلئلا تغسله هذه أولى.

أما المرأة اذا ماتت فى سفر ومعها نساء فيغسلنها وليس لزوجها أن يغسلها لما روى عن ابن عباس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن امرأة تموت بين رجال فقال تيمم بالصعيد ولم يفصل بين أن يكون فيهم زوجها أو لا يكون ولأن النكاح ارتفع بموتها واذا زال النكاح صارت أجنبية وان لم يكن هناك نساء مسلمات ومعهم امرأة كافرة علموها الغسل ويخلون بينهما حتى تغسلها فان لم يكن معهم نساء وكان معهم صبى لم يبلغ حد الشهوة وأطاق الغسل علموه الغسل فيغسلها وان لم يكن معهم ذلك فانها لا تغسل ولكنها تيمم غير أن الميمم لها ان كان محرما لها يممها بغير خرقة وان لم يكن محرما لها فمع الخرقة يلفها على كفه ويعرض بوجهه عن ذراعيها ولا بأس أن ينظر الى وجهها كما فى حالة الحياة ولو مات الصبى الذى لا يشتهى لا بأس أن تغسله النساء وكذلك الصبية التى لا تشتهى لا بأس أن يغسلها الرجال (١).

[مذهب المالكية]

قال المالكية: كل واحد من الزوج أو الزوجة اذا مات الآخر يقوم فى غسله على سائر الأولياء ويقضى له اذا نازعه الأولياء لأن من ثبت له حق فالأصل أن يقضى له به هذا ان صع النكاح بينهما حصل بناء أم لا اذ المعلوم شرعا كالمعدوم حسا الا أن يفوت الفاسد بوجه من المفوتات الآتية كالدخول فى بعض صوره والطول فى بعضها فيلحق حينئذ بالصحيح فيقدم فيه الزوجان كما فى الصحيح ثم ان محل تقديم الزوجية لم يكن الحى منهما محرما والا فلا يقدم لقول فى المدونة ولا ينبغى أن يغسل أحد الزوجين المحرمين الآخر فان فعل كرم له.

ثم قال والحى من الزوجين اذا كان رقيقا يقدم على الأولياء فى غسل الميت ان أذن له سيده فى


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ج‍ ١ ص ٣٠٤، ص ٣٠٥، ص ٣٠٦ الطبعة السابقة.