للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا أنه يستحقه ويمنعه عن صرفه فى مصارفه كما زعمه بعض المتصوفة فلا شك فى وجوب قتله وان كان فى خلوده فى النار نظر. وظاهر أن هذا الحكم لا يتقيد باستحلال الجميع، بل متى استحل شيئا من ذلك كفر (١).

[استحلال شرب النبيذ والخمر]

وذكر صاحب المهذب أن من شرب قليلا من النبيذ لم يفسق ولم ترد شهادته ومن أصحابنا من قال: ان كان يعتقد تحريمه فسق وردت شهادته. والمذهب الاول، لان استحلال الشئ أعظم من فعله، بدليل أن من استحل الزنا كفر ولو فعله لم يكفر، فاذا لم ترد شهادة من استحل القليل من النبيذ فلأن لا ترد شهادة من شربه أولى.

ويجب عليه الحد (٢).

هذا والشافعية يفرقون بين حكم من استحل الخمر المصنوع من عصير العنب وبين من استحل الخمر المصنوع من غير العنب. وقد ذكر صاحب نهاية المحتاج أن من استحل المسكر من عصير العنب الصرف الذى لم يطبخ فهو كافر حتى ولو كان قطرة لانه مجمع عليه بالضرورة. أما من استحل الخمر المصنوع من غير العنب فان كان قد استحل قدرا لا يسكر لم يحكم بكفره، للخلاف فيه أى من حيث الجنس، لحل قليله على قول جماعة. أما المسكر بالفعل فهو حرام اجماعا (٣)، وتعقبه الشبراملسى فى حاشيته فذكر أن كفر من استحل المسكر بالفعل هو الاقرب (٤)، أما الرشيدى فقد ذكر أن من أستحل قدرا كثيرا من الخمر المصنوع من غير العنب فانه يكفر خلافا لابن حجر الذى لا يرى كفر من استحل قليله أو كثيره (٥).

[استحلال فرج المرأة بالاستئجار]

أما استئجار المرأة لوطئها فيرى الشافعية أنه عقد باطل فلا يعتبر وسيلة لاستحلال فرج المرأة فاذا وطئها بذلك كان زنا يحد من أجله، لانتفاء الشبهة اذ لا يعتد بالعقد الباطل بوجه (٦).

[قضاء وشهادة من استحل دماءنا وأموالنا]

والشافعية يفرقون فى حكم قضاء وشهادة من استحل دماءنا وأموالنا بين من يستحل ذلك بالباطل عدوانا وبين من يستحله بتأويل، فقد ذكر فى نهاية المحتاج وحواشيه أنه لا يقبل قضاء ولا شهادة من يستحل دماءنا وأموالنا أو من بغى علينا ولم يدر أنه ممن يستحل ذلك أولا يستحل بل الامران منه محتملان وذلك لانتفاء العدالة … هذا


(١) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٤٢١.
(٢) المهذب للشيرازى ج‍ ٢ ص ٣٢٦ طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.
(٣) نهاية المحتاج الى شرح المنهاج ج‍ ٨ ص ٩ طبعة الحلبى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.
(٤) حاشية الشبراملسى فى كتاب مع نهاية المحتاج ج‍ ٨ ص ٩.
(٥) حاشية الرشيدى على هامش نهاية المحتاج ج‍ ٨ ص ٩.
(٦) الشافعى الصغير فى كتابه نهاية المحتاج ج‍ ٧ ص ٤٠٥.