حق يتعلق بالمال فيسقط بهلاكه ولا يصح اخراج الزكاة الا بنية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «انما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى» ولأنها عبادة محضة فلم تصح من غير نية.
وفى وقت النية وجهان أحدهما: يجب أن ينوى حال الدفع لأنه عبادة يدخل فيها بفعله فوجبت النية فى ابتدائها والثانى: يجوز تقديم النية عليها لأنه يجوز التوكيل فيها ونيته غير مقارنة لأداء الوكيل فجاز تقديم اليه عليها ويجب أن يعين فى النية الزكاة أو الصدقة الواجبة فان نوى صدقة مطلقة لم تجز لأن الصرف الى الفريضة لا يكون الا بالتعيين وان دفعها للامام ولم ينو ففيه وجهان، أحدهما يجزئه وهو ظاهر النص لأن الامام لا يدفع اليه الا الفرض فاكتفى بهذا الظاهر عن النية ومن أصحابنا من قال لا يجزئه وهو الأظهر لأن الامام وكيل الفقراء ولو دفع للفقراء من غير النية عند الدفع لم يجزئ فكذلك اذا دفع لوكيلهم، وقال الشافعى رحمه الله: من امتنع عن أداء الزكاة فأخذها الامام منه قهرا فانه يجزئه لأنه تعذرت النية من جهة فقامت نية الامام مقام نيته.
ويجب اخراج الزكاة الى الأصناف الثمانية فى البلد الذى فيه المال لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا الى اليمن فقال أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد فى فقرائهم. فان نقل الى الأصناف فى بلد آخر ففيه قولان أحدهما يجزئه لأنه من أهل الصدقة فأشبه أصناف البلد الذى فيه المال والثانى لا يجزئه لأنه حق واجب لأصناف بلد فاذا نقل عنهم الى غيرهم لم يجزه وهذا اذا نقلت الزكاة لمسافة قصر أما اذا نقلت الى مسافة لا تقصر فيها الصلاة فانه يجوز قولا واحدا لأن ذلك فى حكم البلد (١).
[مذهب الحنابلة]
قالت الحنابلة. ويجب اخراج الزكاة على الفور لأن الأمر المطلق يقتضى الفورية وكما لو طالب بها الساعى وذلك مع القدرة على الاخراج ولذلك يستحق مؤخر الامتثال العقاب ولأن الزكاة وجبت لحاجة الفقراء وهى ناجزة فوجب أن يكون الوجوب ناجزا قال الأثرم سمعت أبا عبد الله يسأل عن الرجل يحول الحول على ماله فيؤخر عن وقت الزكاة فقال لا، ولم يؤخر اخراجها، وشدد فى ذلك، قيل، فابتدأ فى اخراجها فجعل يخرج أولا فأولا فقال لابل يخرجها كلها اذا حال الحول، والتأخير مخل بالمقصود وربما أدى الى الفوت، وذلك الا لخوف ضرر فله تأخيرها لأشد حاجة وقريب وجارو لتعذر اخراجها من المال لغيبة ونحوها ويخرجها الولى من مال الصبى والمجنون.
ولا يجوز اخراج الزكاة الا بنية الا أن يأخذها منه الامام قسرا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «انما الأعمال بالنيات» وأداؤها عمل، ولأنها عبادة تتنوع الى فرض ونفل، فافتقرت الى النية وولى الصبى
(١) المهذب ح ١ من ص ١٣٧ الى ص ١٧٦ الطبعة السابقة.