للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذريعة إلى ما هو منهى عنه، فيكون من تلك الجهة مطلوب الترك، أى على سبيل التحريم والكراهة.

الثانى: ما يكون ذريعة إلى مأمور به كالمستعان به على أمر أخروى. ففى الحديث «نعم المال الصالح للرجل الصالح»، وذلك فى الشريعة كثير لأنها لما كانت وسائل إلى مأمور به كان لها حكم ما توسل بها إليه، وهذا القسم مطلوب الفعل على سبيل الوجوب أو الندب.

الثالث: ما لا يكون ذريعة إلى شئ فهو المباح المطلق، وعلى الجملة فإذا فرض ذريعة إلى غيره، فحكمه حكم ذلك الغير.

أقسام الإباحة:

يقسم الغزالى (١)، الأفعال المباحة ثلاثة أقسام:

الأول: ما بقى على الأصل فلم يرد فيه تعرض لا بصريح اللفظ‍ ولا بدليل من أدلة السمع، فينبغى أن يقال استمر فيه ما كان ولم يتعرض له السمع فليس فيه الحكم.

الثانى: ما صرح فيه الشارع بالتخيير وقال إن شئتم فافعلوه وإن شئتم فاتركوه، فهذا خطاب والحكم لا معني له إلا الخطاب ولا سبيل إلى إنكاره وقد ورد.

الثالث: ما لم يرد الخطاب فيه بالتخيير، ولكن دل دليل السمع على نفى الحرج عن فعله وتركه فقد عرف بدليل السمع، ولولا هذا لكان يعرف بدليل العقل نفى الحرج عن فاعله وبقاؤه على النفى الأصلى.

وعلى هذا فالمباح لذاته عند الغزالى قسمان: ما ورد فيه حكم الشارع بالتخيير أى ما ثبت بالدليل السمعى الصريح، التالي:

ما لم يرد فيه خطاب صريح، لكن دل عليه دليل سمعى غير صريح وأيده العقل. أما الفقهاء فإنهم لما كانوا يستعملون الإباحة استعمالا دارجا بمعني الإذن، وكان مصدر هذا الإذن مختلفا فى الظاهر أمكن تقسيم الإباحة من ناحية منشأ الإذن المباشر إلى قسمين: إباحة مصدرها الشارع مباشرة بما ورد من نصوص تدل عليه أو استنباط‍ المجتهدين له، وإباحة مصدرها المباشر العباد بعضهم مع بعض.

كما أنها تنقسم من ناحية متعلقها إلى قسمين أيضا:

١ - إباحة استهلاك.

٢ - إباحة استعمال.

وفى كل هذا فإنها إما أن تكون إباحة عامة أو إباحة خاصة، فالإذن العام من الشارع بالاستهلاك كما فى الأشياء التي ورد النص على أن الناس شركاء فيها فتكون مباحة لكل من يستولى عليها، ومن ذلك صيد البحر مطلقا وصيد البر لغير المحرم، ومن ليس فى الحرم يقول الله تعالى: «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ، وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً» (٢)

ومما ورد فيه الإذن العام الماء والكلأ والنار بنص الحديث الذى رواه الخلال أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الناس شركاء فى ثلاث: الماء والكلأ والنار».

ومن ذلك الأرض الموات، يقول النبى عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذى عن سعيد بن زيد: «من أحيا أرضا ميتة فهى


(١) المستصفى ج‍ ١ ص ٧٥.
(٢) سورة المائدة: ٩٦.