للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصفه ملكه ولم يستفده من جهة صاحبه (١) فكان إفرازا. والنصف الآخر كان لصاحبه أخذه عوضا عما فى يد صاحبه من نصيبه فكان مبادلة بالضرورة.

إلا أن معنى الإفراز والتمييز فى المكيلات والموزونات والمعدودات المتقاربة أظهر لعدم التفاوت بين أبعاضه لأن ما يأخذه كل منهما من نصيب شريكه مثل حقه صورة ومعنى فأمكن أن يجعل عين حقه (٢).

[مذهب المالكية]

وتستفاد الصلة بين الإفراز والقسمة مما قرره فقهاء المالكية بشأن أنواع القسمة حيث ذكروا أن أهم هذه الأنواع هو ما يترتب عليه تمييز حق كل شريك عن حقوق بقية الشركاء (٣) وهذا التمييز للأنصبة والحقوق لا يكون إلا بإفراز كل نصيب عن غيره فى الأشياء التى يمكن فيها ذلك.

[مذهب الشافعية]

يذكر فقهاء الشافعية أن القسمة تتنوع إلى ثلاثة أقسام:

أحدها: قسمة الإفراز، وقد سميت بذلك لكونها أفرزت نصيب كل واحد من الشركاء وميزته عن بقية الأنصبة الأخرى.

وقد تسمى عندهم قسمة المتشابهات أو قسمة الأجزاء، وذلك بالنظر إلى الأجزاء المتساوية.

وهى إفراز حق كل واحد من الشركاء.

ويظهر ذلك جليا فى قسمة المثليات وكذا فى قسمة المتقومات المتساوية فى القيمة والصورة لأن هذا النوع لا يختص بالمثليات بل يجرى فى المتقومات كما سيأتى.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى: والقسمة إفراز حق وتميز أحد النصيبين من الآخر، وليست بيعا .. لأنها لا تفتقر إلى لفظ‍ التمليك ولا تجب فيها الشفعة ويدخلها الإجبار. وتلزم بإخراج القرعة. ويتقدر أحد النصيبين بقدر الآخر والبيع لا يجوز فيه ذلك.

ولأنها تنفرد عن البيع باسمها وأحكامها فلم تكن بيعا كسائر العقود.

ويترتب على القول بأن القسمة افراز: جواز قسمة الثمار خرصا والمكيل وزنا والموزون كيلا، والتفرق قبل القبض فيما يعتبر فيه القبض فى البيع ولا يحنث إذا حلف لا يبيع بها وإذا كان العقار أو نصفه وقفا جازت القسمة وإن قلنا هى بيع وليست إفرازا انعكست هذه الأحكام (٥)


(١) أى لكنه لا يستفيد من نصيب شريكه الآخر شيئا لأن هذا الشريك قد استقل بالنصف الآخر.
(٢) تبيين الحقائق ج ٥ ص ٣٦٤ - ٣٦٥ طبعة سنة ١٣١٥ هـ‍.
(٣) شرح الخرشى ج ٦ ص ١٨٥.
(٥) المغنى ج ١١ ص ٤٩١.