للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على شرعيتها، ورخصة وهو أن يتكلم أو يفعل البعض، دون البعض، أى يتفق بعضهم على قول أو فعل وسكت الباقون منهم ولا يردون عليهم بعد مضى مدة التأمل، وهى ثلاثة أيام، أو مجلس العلم ويسمى هذا إجماعا سكوتيا» (١).

وجاء فى حاشيته للعلامة اللكنوى تعليقا على قوله «عزيمة»: أى أصل (٢).

والمراد أن التنصيص من كل واحد من المجمعين هو الأصل ولكن لما كان اشتراطه لانعقاد الإجماع يؤدى إلى ألا ينعقد أبدا لتعذر اجتماع أهل العصر على قول يسمع منهم، والمتعذر معفو عنه، والمعتاد فى كل عصر أن يتولى الكبار الفتوى ويسلم سائرهم، لما كان الأمر كذلك كان الانتقال من التنصيص من كل واحد، الذى هو الأصل، إلى الإجماع السكوتى الذى يتحقق بقول البعض وسكوت الباقين رخصة تقابل الأصل والعزيمة (٣).

هذا تعريف النوعين، وسيأتى الكلام على حكم كل منهما من حيث الحجية.

الخلاف فى إمكان وقوع الإجماع، وفى إمكان العلم به، وفى إمكان نقله، وفى حجيته:

اختلف العلماء فى إمكان وقوع الإجماع على غير ما علم من الدين بالضرورة، وعلى تقدير إمكان وقوعه، اختلفوا فى إمكان العلم به، وعلى تقدير الإمكان فى هذا وذاك، اختلفوا فى إمكان نقل الإجماع إلى من يحتج به من بعد المجمعين.

وعلى تقدير إمكان ذلك كله، اختلفوا فى حجيته، فالمقامات أربعة:

المقام الأول: إمكانه فى نفسه.

المقام الثانى: إمكان العلم به.

المقام الثالث: إمكان نقله إلى من يحتج به.

المقام الرابع: حجيته (٤).

وهذا بيان الخلاف فى كل واحد من هذه المقامات.

المقام الأول: إمكان الإجماع

إن جمهور العلماء فى مذاهب السنة الأربعة، ومذهب الزيدية ومذهب الإباضية يقولون بإمكان وقوع الإجماع من أهل الحل والعقد على أمر من الأمور، وإن ذلك متصور لا استحالة فيه. وقد خالف فى ذلك النظام، وبعض الشيعة والخوارج وعدد من علماء مذاهب السنة وغيرهم (٥).

وكلام القاضى البيضاوى فى المنهاج يقتضى أن النظام يسلم امكان الاجماع،


(١) ص ١٠٣، ١٠٤ من الجزء الثانى من شرح المنار السابق ذكره، شرح نور الأنوار.
(٢) حاشية قمر الأقمار على نور الأنوار ص ١٠٣ ج‍ ٢.
(٣) شرح المنار للنسفى ص ١٠٤ ج‍ ٢.
(٤) انظر مختصر ابن الحاجب ج‍ ٢ ص ٢٩ طبع المطبعة الأميرية سنة ١٣١٦ هـ‍ وغير هذا من كتب الأصول.
(٥) المستصفى للغزالى ص ١٧٣ ج‍ ١، ومسلم الثبوت وشرحه ص ٣١٢ ج‍ ٢ والأحكام للأمدى ص ٢٨٣ ج‍ ١ وغير ذلك من كتب المذاهب السنة المذكورة.