للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيفية الإحرام بالحج

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية: إذا أراد الإحرام اغتسل أو توضأ، والغسل أفضل، لما روى أنه صلى الله عليه وسلم أغتسل لإحرامه، إلا أن الاغتسال للتنظيف حتى تؤمر به الحائض، وإن لم يقع فرضا عنها فيقوم الوضوء مقامه، ولبس ثوبين جديدين أو غسيلين: إزار، ورداء، لأن المحرم ممنوع عن لبس المخيط‍.

وينبغى لولى من أحرم من الصبيان العقلاء أن يجرده ويلبسه ثوبين إزارا ورداء لأن الصبى فى مراعاة السنن كالبالغ ويتطيب بأى طيب شاء، ويستحب عند الإحرام للمحرم تقليم أظافره وقص شاربه وحلق عانته ونتف إبطه وتسريح رأسه عقيب الغسل، لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم أئتزر وارتدى عند احرامه، ولا بد من ستر العورة.

والجديد فى الثياب افضل، لأنه أقرب إلى الطهارة، والأولى أن يكونا أبيضين ومس الطيب، وعن محمد أنه يكره إذا تطيب بما تبقى عينه بعد الإحرام.

ووجه المشهور حديث عائشة رضى الله عنها قالت: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، والإزار من الحقو والرداء من الكتف ويدخل الرداء تحت يمينه ويلقيه على كتفه الأيسر فيبقى كتفه الأيمن مكشوفا ولا يزره ولا يعقده ولا يخلله، فإن فعل ذلك كره ولا شئ عليه.

والثوب الواحد الساتر جائز، وصلى ركعتين، لما روى جابر رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذى الحليفة ركعتين عند إحرامه، ويقول بعد الصلاة، إن أراد أن يحرم بالحج: «اللهم إنى أريد الحج فيسره لى وتقبله منى، وإذا أراد أن يحرم بالعمرة يقول اللهم إنى أريد العمرة فيسرها لى وتقبلها منى، وإذا أراد القرآن يقول اللهم إنى أريد العمرة والحج فيسرهما لى وتقبلهما مني، لأنه فى عبادة عظيمة فيها كلفة ومشقة شديدة، فيستحب الدعاء بالتيسير وبالتسهيل وبالقبول ثم يلبى عقب صلاته، لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلم لبى فى دبر صلاته وإن لبى بعد ما استوت به راحلته جاز ولكن الأول أفضل ولا ينبغى أن يحل بشئ من كلمات التلبية ولو زاد فيها جاز، وإذا لبى فقد أحرم (يعنى مع النية)، لأن العبادة لا تتأتى إلا بالنية ولا يصير شارعا فى الإحرام بمجرد النية ما لم يأت بالتلبية وعن أبى يوسف يصير شارعا بالنية وحدها من غير تلبية.

ودليل من ذهب إلى اشتراط‍ التلبية قول الله تعالى «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ، وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى، وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ» (١).

قال ابن عباس رضى الله عنه: فرض الحج الإهلال. وقال ابن عمر رضى الله عنه: التلبية.


(١) سورة البقرة: ١٩٧.