للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكان كل يوم مسكينا».

ثم قال: (١) ومن عليه صوم من رمضان فله تأخيره ما لم يدخل رمضان آخر، لما روت عائشة رضى الله تعالى عنها قالت: كان يكون على الصيام من شهر رمضان فما أقضيه حتى يجئ شعبان، متفق عليه.

ولا يجوز له تأخير القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر، لأن عائشة رضى الله تعالى عنها لم تؤخره إلى ذلك، ولو أمكنها لأخرته، ولأن الصوم عبادة متكررة فلم يجز تأخير الأولى عن الثانية كالصلوات المفروضة، فإن أخره عن رمضان آخر، فان كان لعذر فليس عليه الا القضاء، وان كان لغير عذر فعليه مع القضاء اطعام مسكين لكل يوم، ولهذا قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة ومجاهد وسعيد ابن جبير والثورى والأوزاعى واسحاق.

وقال الحسن والنخعى لا فدية عليه لأنه صوم واجب فلم يجب عليه فى تأخيره كفارة كما لو أخر الأداء والنذر.

ودليل الرأى الأول ما روى عن ابن عمر وابن عباس وأبى هريرة رضى الله تعالى عنهم أنهم قالوا:

أطعم عن كل يوم مسكينا ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلافهم.

وأن تأخير صوم رمضان عن وقته اذا لم يوجب القضاء أوجب الفدية كالشيخ الهرم.

فإن أخره (٢) لغير عذر حتى أدركه رمضانان أو أكثر لم يكن عليه أكثر من فدية مع القضاء لأن كثرة التأخير لا يزاد بها الواجب، كما لو أخر الحج الواجب سنين لم يكن عليه أكثر من فعله فإن مات المفرط‍ بعد أن أدركه رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين واحد نص عليه أحمد فيما روى عنه أبو داود أن رجلا سأله عن امرأة أفطرت رمضان ثم أدركها رمضان آخر ثم ماتت قال:

يطعم عنها، قال له السائل: كم أطعم؟ قال: كم أفطرت؟ قال: ثلاثين يوما قال: أجمع ثلاثين مسكينا وأطعمهم مرة واحدة وأشبعهم، قال:

ما أطعمهم؟ قال: خبزا ولحما ان قدرت من أوسط‍ طعامكم، وذلك لأنه بإخراج كفارة واحدة أزال تفريطه بالتأخير فصار كما لو مات من غير تفريط‍.

وقال أبو الخطاب يطعم عنه لكل يوم فقيران، لأن الموت بعد التفريط‍ بدون التأخير عن رمضان آخر يوجب كفارة والتأخير بدون الموت يوجب كفارة فاذا اجتمعا وجبت كفارتان كما لو فرط‍ فى يومين.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى (٣): أن الحامل والمرضع والشيخ


(١) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى والشرح الكبير عليه ج ٣ ص ٨٣ الطبعة السابقة.
(٢) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ٣ ص ٨٤ نفس الطبعة المتقدمة.
(٣) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٦ ص ٢٦٢، ٢٦٣، ٢٦٤، ٢٦٥ مسألة رقم ٧٧٠ الطبعة السابقة.