للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي فعل ما يمنع الخارج حسب الإمكان؛ ويتوضأ من حدثه الدائم لوقت كل صلاة إن خرج شئ، وإن اعتيد انقطاع الحدث الدائم زمنا يتسع للصلاة والطهارة لها تعين فعل المفروضة فيه؛ لأنه قد أمكنه الإتيان بها على وجه لا عذر معه ولا ضرورة فتعين كمن لا عذر له، وإن عرض انقطاع الحدث زمنًا يتسع للفعل لمن عادته الاتصال للحدث وهو متوضئ بطل وضوؤه؛ لأنه صار به في حكم من حدثه غير دائم، وعلم منه أن انقطاعه زمنًا لا يتسع للفعل لا أثر له، لكنه يمنع الشروع في الصلاة والمضيَّ فيها لاحتمال دوامه. (١)

[مذهب الظاهرية]

جاء في (المحلى): أن الريح الخارجة من الدبر - خاصة لا من غيره - بصوت خرجت أم بغير صوت ينقض الوضوء، وهذا إجماع متيقن، ولا خلاف في أن الوضوء إنما يكون من الفسو والضراط؛ وهذان الاسمان لا يقعان على الريح ألبتة إلا إن خرجت من الدبر، وإلا فإنما يسمى جشاء أو عطاشًا فقطء فمن غلب عليه شئ مما ذكرنا توضأ ولابد لكل صلاة فرضًا أو نافلة، ثم لا شئ عليه فيما خرج منه من ذلك في الصلاة أو فيما بين وضوئه وصلاته؛ ولا يجزيه الوضوء إلا في أقرب ما يمكن أن يكون وضؤؤه من صلاته، برهان ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (٢) وقولُ الله تبارك وتعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٣) وقولُ الله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٤) فصح أنه مأمور بالصلاة والوضوء من الحدث، وهذا كله حدث، فالواجب أن يأتى من ذلك ما يستطيع وما لا حرج عليه فيه ولا عسر، وهو مستطيع على الصلاة وعلى الوضوء لها، ولا حرج عليه في ذلك فعليه أن يأتى بهما، وهو غير مستطيع للامتناع مما يخرج عنه من ذلك في الصلاة وفيما بين وضوئه وصلاته فسقط عنه. (٥)

[مذهب الزيدية]

جاء في (شرح الأزهار): أنه يلزم من به سلس بول ونحوه من ريح وغائط أن يتوضأ لوقت كل صلاة. (٦)

[مذهب الإمامية]

جاء في (مفتاح الكرامة): أن المريض من سلس البول على ضربين: أحدهما: أن يتراخى زمن الحدث منه فليتوضأ للدخول في الصلاة، فإذا بدره الحدث وهو فيها خرج من مكانه من غير استدبار للقبلة ولا تعمد لكلام ليس من الصلاة فتوضأ وبنى على صلاته، والضرب الثاني: أن يبادره على التوالى من غير تراخ بين الأحوال فينبغي أن يتوضأ عند دخوله إلى الصلاة، ويمضى في صلاته، ولا يلتفت إلى


(١) شرح منتهى الإرادات: ١/ ١٠٠.
(٢) صحيح البخارى. كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة. باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وصحيح مسلم، في كتاب الاقتداء بالنبى - صلى الله عليه وسلم -، باب توقيره وترك إكثار سؤاله - صلى الله عليه وسلم - … إلخ.
(٣) سورة الحج الآية: ٧٨.
(٤) سورة البقرة الآية: ١٨٥.
(٥) المحلى: ١/ ٢٣٢.
(٦) شرح الأزهار: ١/ ١٦٢ - ١٦٣: وما بعدها.