للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقتضى ابطال النفى سواء كان مجردا نحو قوله تعالى: «زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثن» أو مقرونا بالاستفهام الحقيقى كقول المدعى: أليس لى عليك كذا أو بالاستفهام التقريرى نحو قوله تعالى: «كلما القى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير؟ قالوا: بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ» وقوله تعالى: «: واذا أخذ ربك من بنى أدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم. قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين» فقول المخاطب بلى رد لقول المدعى: ليس لى عليك كذا الذى دخل عليه حرف الاستفهام ونفى له. ونفى النفى اثبات فيكون اقرارا ..

وكذا لو قال نعم على الاقوى. لقيامها مقام بلى لغة وعرفا .. والقول الاخر انه لو قال:

نعم. لم يكن اقرارا لان نعم حرف تصديق كما مر فاذا ورد على النفى الداخل عليه حرف الاستفهام كان تصديقا له فينا فى الاقرار ..

ولهذا نسب الى ابن عباس رضى الله عنهما.

أن المخاطبين بقوله تعالى «ألست بربكم.

قالوا بلى». لو قالوا نعم كفروا - فيكون التقدير فى المثال: نعم ليس لك على فيكون انكارا لا اقرارا .. وأجيب من قبل اصحاب الرأى الاول: بأن نعم قد استعملت فى المعنى الآخر لغة واشتهرت فيه عرفا. وما حكى عن ابن عباس مردود. وحيث ظهر ذلك عرفا ووافقته اللغة رجح هذا المعنى وقوى كونه اقرارا. ويستتبع الكلام فى الصيغة بيان اللغة التى يكون بها الاقرار. وفى هذا يقول صاحب الروضة: ويصح الاقرار بالعربية وغيرها لاشتراك اللغات فى التعبير عما فى الضمير والدلالة على المعانى الذهنية بحسب المواضعة - الوضع - لكن يشترط‍ فى تحقيق اللزوم علم المتلفظ‍ بالوضع. فلو أقر عربى بالعجمية أو بالعكس وهو لا يعلم مؤدى اللفظ‍ الذى حصل به الاقرار لم يقع ولا يعتبر اقرارا ويقبل قوله فى عدم العلم ان امكن فى حقه أو صدقه المقر له عملا بالظاهر من كونه لا يعرف غير لغته واعتمادا على الاصل من عدم تجدد العلم بغير لغته .. والمعتبر فى الالفاظ‍ الدالة على الاقرار افادتها له عرفا وان لم يقع على القانون العربى .. وقلنا باعتبار القانون العربى فى غير الاقرار من العقود والايقاعات اللازمة لان هذه تتوقف على النقل. ومن ثم لا تصلح بغير العربية مع امكانها.

[الاقرار بالمجهول والمبهم]

واطلاق (١) الكيل أو الوزن فى الاقرار كأن قال: له عندى كيل حنطة أو وزن سمن يحمل على الكيل والوزن المتعارف فى البلد الذى فيه المقر. وان خالف بلد المقر له فى ذلك .. فأن تعدد المكيال والميزان فى بلده عين المقر ما شاء منها ما لم يغلب احدها فى الاستعمال على الباقى فيحمل على الغالب ..

ولو تعذر استفسار المقر فيحمل على المتيقن وهو الاقل .. وكذا القول فى النقد ..

ولو أقر بلفظ‍ مبهم صح اقراره وألزم تفسيره .. واللفظ‍ المبهم كالمال والشئ والجزيل والعظيم والحقير والنفيس ومال أى مال .. ويقبل تفسيره بما قل. لان كل مال


(١) الروضة البهية ج‍ ٢ ص ٢١٦.