يقال - شهادة الله. ودين الله … وهذه الاضافة لو كانت مجازا لوجب الحمل عليه لوجود القرينة الصارفة عن الحقيقة والمعينة للمجاز. لان الحكم بصحة اقرار العقلاء مع الاتيان باللام او الاضافة المقيدة للملك والاستحقاق. قرينة على أن نسبة المال المقر به الى المقر بحسب الظاهر … وفرق البعض بين أن يقول المقر: ملكى لفلان .. ودارى لفلان. فحكموا بالبطلان فى الاول وتوقفوا فى الثانى لان اضافة الدار تحصل لغير الملك كالسكن فيقول المستأجر للسكن دارى بخلاف ملكى. فأنه نص فى الملكية … والاقوى عدم الفرق ويحمل على ما سبق ذكره. وليس منه ما لو قال: مسكنى لفلان. فانه يقتضى الاقرار قطعا لان اضافة السكنى لا تقتضى ملكية العين المسكونة لجواز ان يسكن الانسان ملك غيره .. ومن صيغ الاقرار أن يقول: له فى ذمتى كذا أو له قبلى كذا.
ويدل على الاقرار ويعتبر صيغة من صيغة ما اذا قال انسان لآخر: لى عليك ألف درهم فقال المخاطب فى جواب ذلك: نعم. أو أجل أو بلى. أو أنا مقر به - كان اقرارا ولزمه الألف - أما جوابه بنعم فظاهر لانها بعد الخبر حرف تصديق وان كان الكلام استفهاما محذوف الهمزة فهى معبرة للاثبات. لأن الاستفهام عن الماضى اثباته بنعم ونفيه بلا .. وأجل للتصديق مثل نعم .. وأما بلى فانها وأن كانت لابطال النفى. ألا ان الاستعمال العرفى جوز وقوعها فى جواب الخبر المثبت كنعم فتدل عرفا على الاثبات .. والاقرار جاء على العرف وما يقتضيه لا على دقائق اللغة .. واذا قلنا ان الكلام استفهام محذوف الهمزة فقد وقع استعمال بلى فى جوابه لغة وان كان ذلك قليلا ومن ذلك قول النبى صلّى الله عليه وسلّم لاصحابه:«أترضون أن تكونوا من أرفع أهل الجنة». قالوا بلى. والعرف قاض.
والاقرار جاء على مقتضى الاستعمال العرفى كما قلنا … وأما قول المخاطب فى جواب المدعى بقوله - أنا مقر به. فأنه وان احتمل كونه مقرا به لغيره وكونه وعدا بالاقرار من حيث أن مقرا اسم فاعل يحتمل الاستقبال. الا انه مشتمل على ضمير والمتبادر منه كون هذا الضمير عائدا الى ما ذكره المقر له .. والمتبادر كذلك كونه اقرار بالفعل عرفا .. والمرجع فى الاقرار العرف كما ذكرنا. ومثل قوله. انا مقر به وأن يقول: أنا مقر بدعواك. أو مقر بما ادعيت أو لست منكرا لما أوصيت لدلالة العرف.
ولو قال المخاطب فى الجواب: زنة أو انتقده. أو انا مقر. ولم يقل به. لم يكن ذلك اقرارا ولا يلزمه شئ. اما الاولان - زنه وأنتقده - فلانتفاء دلالتهما على الاقرار .. وأما الاخير فأنه مع انتفاء احتماله الوعد بالاقرار يحتمل ان يكون اقرارا بالمدعى وبغيره. فأنه لو صل به الشهادتين أو ببطلان دعواك. فقال: انا مقر بالشهادتين. أو أنا مقر ببطلان دعواك لم يختل اللفظ لان المقر به غير مذكور فى الجواب. فجاء تقديره بما يطابق المدعى وغيره متعضدا بأن الاصل براءة الذمة. ويحتمل أن يكون اقرارا بالمدعى لأن صدوره عقب الدعوى قرينة صرفه اليها.
وقيام الاحتمال يمنع لزوم الاقرار بذلك.
ولو قال: أليس لى عليك كذا فقال المدعى عليه: بلى كان اقرارا. لان بلى. حرف