للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

قال الحنابلة فى كتاب المغنى لابن قدامة المقدسى: (١) ان كان على الراحلة فى مكان واسع يتمكن من الصلاة الى القبلة والركوع والسجود فعليه استقبال القبلة فى صلاته.

وان كان يعجز عن استقبال القبلة فى ابتداء صلاته كراكب راحلة لا تطيعه، أو كان فى قطار - أى من الابل ونحوها - فليس عليه استقبال القبلة فى شئ من الصلاة.

فان أمكنه افتتاحها الى القبلة ففيه روايتان.

احداهما يلزمه لما روى أنس رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان اذا سافر، فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث كان وجهة ركابه، ولانه أمكنه استقبال القبلة فى ابتداء الصلاة، فلزمه ذلك، كالصلاة كلها.

والثانية: لا يلزمه، لانه جزء من أجزاء الصلاة أشبه سائر أجزائها، ولان ذلك لا يخلو عن مشقة فسقط‍، وما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم يحمل على الفضيلة والندب.

وقبلة هذا المصلى حيث كانت وجهته، فان عدل عنها الى جهة الكعبة جاز، لأنها الاصل، وان عمد الى غيرها فسدت صلاته لتركه القبلة عمدا وان فعل ذلك مغلوبا أو ظنا منه أنها جهة سفره، فهو على صلاته، ويرجع الى جهة سفره عند زوال العذر، لانه مغلوب على ذلك، فأشبه العاجز عن الاستقبال، فان تمادى به ذلك بعد زوال عذره، فسدت صلاته، لانه ترك الاستقبال عمدا.

ولا فرق بين جميع التطوعات فى هذا، فيستوى فيه النوافل المطلقة، والسنن الرواتب والمعينة، والوتر، وسجود التلاوة، وقد كان النبى صلّى الله عليه وسلّم يوتر على بعيره.

ثم قال: وأما الماشى فى السفر ففى رواية عن أحمد، أنه يصلى ماشيا، ويستقبل القبلة، لافتتاح الصلاة، ثم ينحرف الى جهة سيره، واحتجوا بأن الصلاة أبيحت للراكب، لئلا ينقطع عن القافلة فى السفر، وهذا المعنى موجود فى الماشى، ولانه احدى حالتى سير المسافر.

وفى كشاف القناع: (٢) والمريض العاجز عن استقبال القبلة، أو العاجز عمن يديره اليها، ومثله المربوط‍ فتصح صلاتهم الى غير القبلة بلا اعادة.


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى ج‍ ١ ص ٤٥١ الطبعة السابقة.
(٢) كشاف القناع مع هامش شرح منتهى الارادات ج‍ ١ ص ٢٠٣ الطبعة السابقة.