للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكم المقلد لعدم بصيرته كعادم بصره فأما ان وجد من يقلده أو من يخبره فلم يستخبره ولم يقلد أو خالف المخبر والمجتهد فصلاته باطلة بكل حال وكذلك المجتهد اذا صلى من غير اجتهاد فأصاب أو أداه اجتهاده الى جهة فصلى الى غيرها فان صلاته باطلة بكل حال سواء أخطأ أو أصاب لأنه لم يأت بما أمر به فأشبه من ترك التوجه الى الكعبة مع علمه بها.

وجاء فى كشاف القناع (١): أنه ان اشتبهت عليه القبلة فى السفر وكان عالما بأدلتها ففرضه الاجتهاد فى معرفتها فاذا اجتهد وغلب على ظنه جهة صلى اليها فان تركها وصلى الى غيرها أعاد ما صلاه الى غيرها وان أصاب.

وان تعذر عليه الاجتهاد لغيم ونحوه كما لو كان مطمورا أو كان به مانع من الاجتهاد كرمد ونحوه أو تعادلت عنده الأمارات صلى على حسب حاله بلا اعادة كعادم الطهورين.

وكل من صلى من هؤلاء قبل فعل ما يجب عليه من استخبار أو اجتهاد أو تقليد أو تحر فعليه الاعادة وان أصاب.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى (٢): أن استقبال جهة الكعبة بالوجه والجسد فرض على المصلى حاشا المتطوع راكبا.

فمن كان مغلوبا بمرض أو بجهد أو بخوف أو باكراه فتجزيه صلاته كما يقدر وينوى فى كل ذلك التوجه الى الكعبة.

ولا خلاف بين أحد من الامة فى أن امرءا لو كان بمكة بحيث يقدر على استقبال الكعبة فى صلاته فصرف وجهه عامدا عنها الى أبعاض المسجد الحرام من خارجه أو من داخله فان صلاته باطلة.

وأما المريض والجاهل والخائف والمكره فان الله تعالى يقول: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» (٣). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».

ومن صلى الى غير القبلة (٤) ممن يقدر على معرفة جهتها - عامدا أو ناسيا بطلت صلاته ويعيد ما كان فى الوقت ان كان عامدا ويعيد أبدا ان كان ناسيا لأن هذين مخاطبان بالتوجه الى المسجد الحرام فى الصلاة فصليا بخلاف ما أمرا به ولا يجزئ ما نهى الله تعالى عنه عما أمر عز وجل به.

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار (٥) أنه لا يضر المتحرى اذا انكشف له خلاف متحراه بأن يفرغ وفى الوقت بقية فانه لا يضره بقاء الوقت


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع ج ١ ص ٢٠٦ الطبعة السابقة والاقناع فى الفقه ج ١ ص ١٠٢ الطبعة السابقة
(٢) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٣ ص ٢٢٧ مسألة رقم ٣٥١ الطبعة السابقة
(٣) الاية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة
(٤) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٣ ص ٢٢٨ مسألة رقم ٣٥٣ الطبعة السابقة
(٥) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله بن مفتاح ج ١ ص ١٣٥، ص ١٣٦ الطبعة السابقة.