للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما المصلى قبل الوقت فانه لم يؤمر بالصلاة وانما أمر بعد دخول الوقت ولم يأت بما أمر بخلاف مسألتنا فانه مأمور بالصلاة بغير شك ولم يؤمر الا بهذه الصلاة وسائر الشروط‍ اذا عجز عنها سقط‍ كذا ها هنا.

وأما اذا ظن وجودها فأخطأ فليست فى محل الاجتهاد فنظيره اذا اجتهد فى مسألتنا فى الحضر فأخطأ.

ولا فرق بين أن تكون الأدلة ظاهرة مكشوفة فأشبهت أو مستورة بغيم أو شئ يسترها عنه بدليل الأحاديث التى رويناها فان الأدلة استترت عنهم بالغيم فلم يعيدوا ولأنه أتى بما أمر به فى الحالين وعجز عن استقبال القبلة فى الموضعين فاستويا فى عدم الاعادة.

أما البصير (١): اذا صلى الى غير الكعبة فى الحضر ثم بان له الخطأ فعليه الاعادة سواء صلى بدليل أو غيره لأن الحضر ليس محلا للاجتهاد، لأن من فيه يقدر على المحاريب والقبل المنصوبة ويجد من يخبره عن يقين غالبا فلا يكون له الاجتهاد كالقادر على النص فى سائر الأحكام.

فان صلى من غير دليل فأخطأ لزمته الاعادة لتفريطه.

وان أخبره مخبر فأخطأ فقد غره وتبين أن خبره ليس بدليل.

فان كان محبوسا لا يجد من يخبره فقال أبو الحسن التميمى هو كالمسافر يتحرى فى محبسه ويصلى من غير اعادة لأنه عاجز عن الاستدلال بالخبر والمحاريب فهو كالمسافر.

وأما الأعمى فان كان فى حضر فهو كالبصير لأنه يقدر على الاستدلال بالخبر والمحاريب فان الأعمى اذا لمس المحراب وعلم أنه محراب وأنه متوجه اليه فهو كالبصير.

وكذلك اذا علم أن باب المسجد الى الشمال أو غيرها من الجهات جاز له الاستدلال به ومتى أخطأ فعليه الاعادة.

وحكم المقلد حكم الأعمى فى هذا وان كان الأعمى أو المقلد مسافرا ولم يجد من يخبره ولا مجتهد يقلده فظاهر كلام الخرقى أنه يعيد سواء أصاب أو أخطأ لأنه صلى من غير دليل فلزمته الاعادة.

وان أصاب كان كالمجتهد اذا صلى من غير اجتهاد.

وقال أبو بكر يصلى على حسب حاله وفى الاعادة روايتان سواء أصاب أو أخطأ.

احداهما: يعيد لما ذكرنا.

الثانية: لا اعادة عليه لأنه أتى بما أمر فأشبه المجتهد ولأنه عاجز عن غير ما أتى به فسقط‍ عنه كسائر العاجزين عن الاستقبال ولأنه عادم للدليل فأشبه المجتهد فى الغيم والحبس.

وقال ابن حامد ان أخطأ أعاد وان أصاب فعلى وجهين.


(١) المغنى لابن قدامه المقدسى ومعه الشرح الكبير عليه ج ١ ص ٤٩٢، ص ٤٩٣، ص ٤٩٤، ص ٤٩٥ الطبعة السابقة.