للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقرب لأن النكول أعم من ثبوت الحق لجواز تركه إجلالا، ولا دلالة للعام على الخاص، ولما روى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه رد اليمين على صاحب الحق. وللأخبار الدالة على رد اليمين على المدعى من غير تفصيل، ولأن الحكم مبنى على الاحتياط التام ولا يحصل إلا باليمين، وفى هذه الأدلة نظر بين (١). هذا إذا أنكر المدعى عليه أما إن سكت فإن كان لآفة من طرش أو خرس توصل الحاكم إلى معرفة الجواب بالإشارة المقيدة لليقين ولو بمترجمين عدلين، وإن كان السكوت عنادا حبس حتى يجيب على قول الشيخ في النهاية؛ لأن الجواب حق واجب عليه، فإذا امتنع منه حبس حتى يؤوبه أو يحكم عليه بالنكول بعد عرض الجواب عليه بأن يقول له إن أجبت وإلا جعلتك ناكلا، فإن أصر حكم بنكوله على قول من يقضى بمجرد النكول، ولو اشترطنا معه إحلاف المدعى احلف بعده، ويظهر من صاحب اللمعة التخيير بين الأمرين، والأولى جعلهما إشارة إلى القولين، وفى الدروس اقتصر على حكايتهما قولين ولم يرجح شيئا والأول أقوى (٢).

[مذهب الإباضية]

جاء في شرح النيل أن المدعى عليه إن امتنع من الجواب على دعوى المدعى فيما يجب فيه رد الجواب أجبر على الجواب ولو بالضرب من الحاكم أو من أعوانه أو ممن أمره الحاكم بضربه أو أشار إليه به أو بالسجن أو بهما ولا يحكم عليه عند جمهورنا ولا يطبع عليه أعز ماله عليه منعا له من الانتفاع به ليرتدع خلافا للمالكية فقد قالت إنه يجبر على الجواب بالضرب والسجن فإن لم يجب قضى الحاكم للمدعى بلا بيان ولا يمين، وقيل يقضى له بعد اليمين وهو المختار عندهم (٣)، وإن لم يجد المدعى البينة وطلب يمينا كلف به المدعى عليه بعد طلب المدعى منه الحلف، فإن نكل عن اليمين حبسه الحاكم حتى ينعم بها ويذعن إليها، قالوا في الديوان: ولا يحلف الحاكم على حقه أو حق ابنه الطفل وإن حلف على ذلك جاز، ولا يأمر الحاكم من وجب له اليمين من الخصمين أن يحلف خصمه، فإن أمر بذلك وحلفه فقد أخذ حقه، وكذلك إن حلفه بغير أمر الحاكم (٤). ويحلف عند الحاكم أو حيثما اتفق صاحب اليمين قائما أو قاعدا أو متكئا، ولا يشرط مسجد ونحوه ولا زمان فيما قل ولا فيما كثر. هذا هو المذهب، وقيل يحلف بالله قائما مستقبلا في ربع دينار فصاعدا في المسجد الجامع عند منبره، وقيل على المنبر، ومن أبى الخروج إلى موضع الحلف وقال أحلف في مكانى فهو نكول عن اليمين (٥). وللمدعى عليه رد اليمين على المدعى ما لم ينعم المدعى عليه للمدعى باليمين، فإذا أبى المدعى من اليمين المردودة عليه حتى يحضر مدعاه لم يجب الإحضار قبل أن يحلف لأنه إنما يجب له ذلك بعد اليمين، ولما كان لا يجب له إلا بعد اليمين كان لا يجب إحضاره إلا بعد اليمين؛ لأن ما لا يجب لأحد


(١) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد زين الدين الجبعى العاملى جـ ١ ص ٢٤٣ طبع دار الكتاب العربى بمصر.
(٢) المرجع السابق جـ ١ ص ٢٤٤، ص ٢٤٥ نفس الطبعة.
(٣) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف أطفيش جـ ٧ ص ٢، ص ٣ طبع محمد بن يوسف البارونى.
(٤) المرجع السابق جـ ٧ ص ٤ وما بعدها إلى ص ٦ نفس الطبعة.
(٥) المرجع السابق جـ ٧ ص ٨ نفس الطبعة.