للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال صاحب طلعة الشمس الإباضى:

«إن سنة الخلفاء الراشدين كسنته صلى الله عليه وسلم فى وجوب الاتباع، لا فى اعتبار الإجماع، ولم يخص النبى صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة بل أراد كل خليفة حق، ولا شك أنه قد جاء من بعدهم خليفة حق من أئمة المسلمين رضى الله عنهم فلا وجه لتخصيص الأربعة» (١).

وفى حواشى هداية العقول للزيدية: إن حديث «اقتدوا بالذين من بعدى» ضعفه الذهبى، وحديث «عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى» رواه أبو داود وضعفه ابن القطان، وحديث «أصحابى كالنجوم» ضعفه أحمد (٢).

وذكر ابن قدامة المقدسى الحنبلى فى روضة الناظر: أنه قد نقل عن أحمد رحمه الله ما يدل على أنه لا يخرج عن قول الخلفاء الأربعة إلى قول غيرهم، وكلام أحمد فى إحدى الروايتين عنه يدل على أن قولهم حجة، ولا يلزم من كل ما هو حجة أن يكون إجماعا».

فهذا تحرير لمذهب ابن حنبل فى هذه المسألة، وقد علق عليه شارح الروضة بأنه هو الحق (٣).

ثامنا: إجماع الحرمين والمصرين

المراد بالحرمين مكة والمدينة، وبالمصرين الكوفة والبصرة، وقد ذكر الغزالى: «إن قوما قالوا المعتبر إجماع أهل الحرمين مكة والمدينة، والمصرين الكوفة والبصرة، وما أراد هؤلاء، والقائلون بإجماع أهل المدينة، إلا أن هذه البقاع قد جمعت فى زمن الصحابة أهل الحل والعقد. ثم بين الغزالى أن ذلك غير مسلم (٤)، ولم يبين الغزالى من هم القائلون بذلك.

وجاء فى هداية العقول، من كتب أصول الزيدية: «حكى الأمدى وغيره عن بعض، القول بأن إجماع أهل الحرمين والمصرين حجة على غيرهم، وقيل: بل إجماع البصرة والكوفة فقط‍، حكاه الشيخ أبو إسحاق فى اللمع.

وقيل: إجماع أهل الكوفة وحدها كما نقل عن حكاية ابن حزم.

وقيل: إجماع البصرة وحدها، كما نقله بعض شراح المحصول» (٥).

وقال الشوكانى فى إرشاد الفحول: وقد زعم بعض أهل الأصول أن إجماع أهل الحرمين والمصرين حجة، ولا وجه لذلك، وقد قدمنا قول من قال بحجية إجماع أهل المدينة، فمن قال بذلك فهو قائل بحجية إجماع أهل مكة والمدينة والمصرين من باب أولى.


(١) طلعة الشمس الموضع السابق.
(٢) ص ٥٤١ ج‍ ٢ من هداية العقول من أصول الزيدية، انظر الحاشية.
(٣) روضة الناظر فى أصول الحنابلة ص ٣٦٦ ج‍ ١.
(٤) المستصفى الغزالى ص ١٨٧ ج‍ ١.
(٥) هداية العقول فى أصول الزيدية ص ٥٣٩ ج‍ ١.