جاء في (بدائع الصنائع): جملة الكلام في الزيادة أنها لا تخلو إما أن حدثت قبل القبض، وإما أن حدثت بعده، وكل واحدة من الزيادتين لا تخلو من أن تكون متصلة أو منفصلة، والمتصلة لا تخلو من أن تكون متولدة من الأصل كالحسن والجمال ونحو ذلك، أو غير متولدة منه كالصبغ في الثوب ونحوها، وكذلك المنفصلة لا تخلو من أن تكون متولدة من الأصل كالولد، أو غير متولدة من الأصل كالكسب والصدقة، والبيع لا يخلو إما أن يكون صحيحًا أو فاسدًا، أما الزيادة في البيع الصحيح: فإن حدثت الزيادة قبل القبض فإن كانت متصلة متولدة من الأصل فإنها لا تمنع الرد بالعيب؛ لأن هذه الزيادة تابعة للأصل حقيقة؛ لقيامها بالأصل، فكانت مبيعة تبعًا، وإن كانت متصلة غير متولدة من الأصل فإنها تمنع الرد بالعيب، وإن كانت - الزيادة - منفصلة متولدة من الأصل لا تمنع الرد، فإن شاء المشترى ردهما جميعًا، وإن شاء رضى بهما بجميع الثمن، بخلاف ما بعد القبض عندنا أنها تمنع الرد بالغيب. ولو قبض الأصل والزيادة جميعًا ثم وجد بالأصل عيبًا له أن يرده خاصة بحصته من الثمن بعد ما قسم الثمن على قدر الأصل وقت البيع، وعلى قيمة الزيادة وقت القبض؛ لأن الزيادة إنما تأخذ قسطًا من الثمن بالقبض، كذلك يُعتبر قبضها وقت القبض، ولو لم يجد بالأصل عيبًا ولكنه وجد بالزيادة عيبًا فله أن يردها خاصة بحصتها من الثمن؛ لأنه صار لها حصة من الثمن بالقبض فيردها بحصتها من الثمن؛ فإن كانت الزيادة منفصلة من الأصل فإنها لا تمنع الرد بالعيب؛ لأن هذه الزيادة ليست بمبيعة؛ لانعدام ثبوت حكم البيع فيها، وإنما هي مملوكة بسبب على حِدَةٍ أو بملك الأصل فبالرد ينفسخ العقد في الأصل وتبقى الزيادة مملوكة بوجود سبب الملك فيه مقصودًا أو بملك الأصل لا بالبيع فكانت ربحًا لا ربًا: لاختصاص الربا بالبيع؛ لأنه فَضْلُ مالٍ قُصد استحقاقه بالبيع في عُرف الشرع، ولم يوجد ثم إذا رد الأصل، فالزيادة تكون للمشترى بغير ثمن عند أبى حنيفة لكنها لا تطيب له: لأنها حدثت على ملكه إلا أنها ربح ما لم يضمن فلا تطيب … وأصل المسألة في النكاح إذا ازداد المهر زيادة متصلة من الأصل بعد القبض ثم ورد الطلاق قبل الدخول أنها هل تمنع التصنيف؟ عندهما تمنع، وعليها نصف القيمة، وعنده لا تمنع، وإما أن يرده مع الزيادة، والرد وحده لا يمكن، والزيادة ليست بتابعة في العقد، فلا يمكن أن يجعلها تابعة في الفسخ إلا إذا تراضيا على الرد؛ لأنه صار بمنزلة بيع جديد، وإن كانت الزيادة منفصلة متولدة من الأصل فإنها تمنع الرد بالعيب، ويرد الأصل بدون الزيادة، وكذلك هذه الزيادة تمنع الفسخ من الإقالة، وإن كانت منفصلة غير متولدة من الأصل لا يمتنع الرد بالعيب ويرد الأصل على البائع والزيادة للمشترى طيبةٌ له؛ لما مر من أن هذه الزيادة ليست بمبيعة أصلًا؛ لانعدام ثبوت حكم البيع فيها، بل مُلكت بسبب على حدة فأمكن إثبات حكم الفسخ فيه بدون الزيادة، فيرد الأصل وينفسخ العقد فيه وتبقى الزيادة مملوكة للمشترى بوجود سبب الملك فيها شرعًا، فتطيب له.