للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى إذا أمكنت، وإن أقر بالشركة وأنكر الجهة فلا يجبرهما حتَّى يبنيها مثل أن يقول اشتركنا بالهبة ويقول الآخَر ليس بها أو يقول بل بكذا (١). وإن طلب من حاكم إغلاق بيوت أو دور تركها مورثهم جاز له ذلك الطلب فيغلقها الحاكم إن صحت للموروث، وكذا كل ما ترك موروثهم يعطل إن أراد أحدهم تعطيله إذا أبى غيره القسمة وقد أمكنت وسجن آبيا من القسمة حتَّى ينعم بالقسمة، ثم إن خاف تعطيلا طلب إليه محيلا، ولا يرفع غير الآبى يده من المشترك بترك القسمة بأن يقول إنه امتنع فأنا أمضى في سبيلى حيث شئت كالسفر لا يجد ذلك بل يبقى على إرادة القسمة والتهيؤ لها حتَّى ينعم بها ذلك الذي أباها سواء سجن أو لم يسجن إن جعلوا في المشترك أيديهم بأن تهيأوا لقسمته وكذا إن لم يتهيأوا لكن اقتصر على الأول لأنَّهُ الذي يتوهمون التوسع حيث تهيأوا فلم يجدوا من الممتنع إجابة، ويحتمل أنه يريد أنه لا يرفع غيره يده من القسمة إن أثبتوا أيديهم فيه وبقوا على دعوى ملكه ولم ينفوا أنفسهم منه وأولى من ذلك كله أن يكون المراد أنهم يبقون على الانتفاع من ذلك المشترك إذا كانوا ينتفعون منه قبل إبائه وإن قيل له اخرج منه نقسم وإذا سجن الآبى لم يجز لغيره السفر لأن سفره نقض لحكم الحاكم بالسجن وإن لم يسجن وأبى وأراد ثان أن يسافر وهو مذعن لم يجد السفر إن أبى الثالث (٢).

[حكم الامتناع من تسليم المرهون]

[مذهب الحنفية]

جاء في بدائع الصنائع أن وقت وجوب تسليم المرهون إلى الراهن هو ما بعد قضاء الدين، يقضى الدين أولًا ثم يسلم الرهن لأن الرهن وثيقة، وفى تقديم تسليمه إبطال الوثيقة، ولأنه لو سلم الرهن أولًا فمن الجائز أن يموت الراهن قبل قضاء الدين فيصير المرتهن كواحد من الغرماء فيبطل حقه فلزم تقديم قضاء الدين على تسليم الرهن إلا أن المرتهن إذا طلب الدين يؤمر بإحضار الرهن أولًا ويقال له أحضر الرهن إذا كان قادرا على الإحضار من غير ضرر زائد، ثم يخاطب الراهن بقضاء الدين لأنَّهُ لو خوطب بقضائه من غير إحضار الرهن ومن الجائز أن الرهن قد هلك وصار المرتهن مستوفيا دينه من الرهن فيؤدى إلى الاستيفاء مرتين. وكذلك المشترى يؤمر بتسليم الثمن أولًا إذا كان دينا ثم يؤمر البائع بتسليم المبيع، إلا أن البائع إذا طالبه بتسليم الثمن يقال له أحضر المبيع لجواز أن المبيع قد هلك وسواء كان عين الرهن قائما في يد المرتهن أو كان في يده بدله بعد أن كان البدل من خلاف جنس الدين، نحو ما إذا كان المرتهن مسلطا على بيع الرهن فباعه بخلاف جنس الدين أو قتل الرهن خطأ وقضى بالدية من خلاف جنس الدين فطالبه المرتهن بدينه كان للراهن أن لا يدفع حتَّى يحضره المرتهن؛ لأن البدل قائم مقام المبدل فكان المبدل قائم، ولو كان قائما كان له أن يمنع ما لم يحضره المرتهن، فكذلك إذا قام البدل مقامه، ولو كان الرهن على يدى عدل وجعلا للعدل أن يضعة عند من أحب وقد وضعه


(١) المرجع السابق جـ ٥ ص ٣٧٧، ص ٣٧٨ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٥ ص ٣٧٩، ص ٣٧٠ نفس الطبعة.