للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة أو أقر بسكنى دار غيره وادعى أنه سكنها باذنه لم يقبل قوله فى ذلك.

وجاء فى المغنى (١): أنه اذا قال له هذه الدار هبة أو سكنى أو عارية كان اقرارا بما أبدل به كلامه ولم يكن اقرارا بالدار، لأنه رفع بآخر كلامه بعض ما دخل فى أوله فصح كما لو أقر بجملة واستثنى بعضها.

وذكر القاضى فى هذا وجها أنه لا يصح، لأنه استثناء من غير جنس وليس هذا استثناء انما هو بدل اشتمال وهو أن يبدل من الشئ بعض ما يشتمل عليه ذلك الشئ كقول الله تعالى «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ ٢ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ» فانه ابدال القتال من الشهر المشتمل عليه، وقال تعالى أخبارا عن فتى موسى عليه السّلام: أنه قال «وما انسانيه الا الشيطان (٣) أن أذكره» أى انسانى ذكره وان قال له هذه الدار ثلثها أو ربعها صح ويكون مقرا بالجزء الذى أبدله وهذا بدل البعض وليس ذلك استثناء ومنه قول الله تعالى «وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ٤» ولكنه فى معنى الاستثناء فى كونه يخرج من الكلام بعض ما دخل فيه لو لاه ويفارقه فى أنه يجوز أن يخرج أكثر من النصف وأنه يجوز ابدال الشئ من غيره اذا كان مشتملا عليه. ألا ترى أن الله تعالى أبدل المستطيع للحج من الناس وهو أقل من نصفهم وأبدل القتال من الشهر الحرام وهو غيره، ومتى قال له هذه الدار سكنى أو عارية ثبت فيها حكم ذلك وله أن يسكنه اياها وأن يعود فيما أعاره

[مذهب الإمامية]

جاء فى الروضة البهية (٥): أنه لا بد فى الاقرار من كون المقر به تحت يد المقر وهى تقتضى ظاهرا كونه ملكا له، ولأن الاضافة يكفى فيها أدنى ملابسه مثل «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ» فان المراد بيوت الازواج وأضيفت الى الزوجات بملابسة السكنى ولو كان ملكا لهن لما جاز اخراجهن عند الفاحشة، وليس منه ما لو قال مسكنى له فانه يقتضى الاقرار قطعا لان اضافة السكنى لا تقتضى ملكية العين لجواز أن يسكن مال غيره.

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل (٦): أنه ان عرفت دار فى يد رجل فأقر لرجل آخر بأرضها أو بنقضها جاز لا ان لم تعرف له


(١) المغنى لابن قدامه المقدسى ج ٥ ص ٣٢٣، ص ٣٢٤ وهامشه الشرح الكبير الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٢١٧ من سورة البقرة.
(٣) الآية رقم ٦٣ من سورة الكهف.
(٤) الآية رقم ٩٧ من سورة آل عمران.
(٥) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الجبعى العاملى ج ٢ ص ٢١٣، ٢١٤ الطبعة السابقة.
(٦) شرح النيل وشفاء العليل ج ٧ ص ١٤٦ الطبعة السابقة.