للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجمال فيه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم».

ويقول الإسنوى (١): «واختلفوا فى جواز بقاء الإجمال بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، قال فى البرهان بعد حكاية هذا الخلاف المختار أنه إن تعلق به حكم تكليفى فلا يجوز وذلك كالأسماء الشرعية مثل الصلاة فإنا نعلم قطعا أن معناها اللغوى وهو الدعاء غير مراد فلا بد من معنى آخر شرعى، وهو غير مدرك بالعقل إلا ببيان من الشارع وقد بينه قولا وفعلا، وكالربا فإنه لغة مطلق الزيادة، ولا شك أنه ليس كل زيادة محرمة، فهى زيادة مخصوصة فى الشرع وهى غير معلومة إلا بالبيان وقد بينها وأما ما لا يتعلق به التكليف كالمتشابه الذى لا يدرك لا بالعقل ولا بغيره فيجوز» (٢).

ويقول ابن السبكى (٣): «وفى بقاء المجمل فى الكتاب والسنة غير مبين إلى وفاته صلى الله عليه وسلم أقوال:

أحدها: لا، لأن الله تعالى أكمل الدين قبل وفاته بقوله: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ».

ثانيها: نعم، قال الله تعالى فى متشابه الكتاب: «وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ» إذ الوقف هنا كما عليه جمهور العلماء، وإذا ثبت فى الكتاب ثبت فى السنة لعدم القائل بالفرق بينهما.

ثالثها: الأصح: لا يبقى المجمل المطلق بمعرفته غير مبين للحاجة إلى بيانه حذرا من التكليف بما لا يطاق بخلاف غير المكلف به».

[علاقة المجمل بغيره من الألفاظ‍]

[العلاقة بين المجمل والمبهم]

[مسلك الأحناف]

يقسم الأحناف المبهم أو خفى الدلالة إلى أقسام أربعة: الخفى، والمشكل، والمجمل، والمتشابه.

وعلى هذا يعد المجمل عندهم قسما من أقسام المبهم، فكل مجمل عندهم مبهم دون العكس.

يقول صاحب التلويح «اللفظ‍ إذا ظهر منه المراد، وإذا خفى فخفاؤه إما لنفس اللفظ‍ أو لعارض، الثانى يسمى خفيا، والأول إما أن يدرك المراد بالنقل أو لا، الأول يسمى مشكلا، والثانى إما أن يدرك المراد بالنقل أو لا يدرك أصلا، الأول يسمى مجملا، والثانى متشابها، فهذه الأقسام متباينة بلا خلاف (٤)».

[مسلك المتكلمين]

يرى جمهور من كتب من الأصوليين على طريقة المتكلمين أن المجمل، هو المبهم، يقول الغزالى فى المستصفى (٥): «اللفظ‍


(١) نهاية السول شرح منهاج الأصول ج‍ ٢ ص ٥١٣.
(٢) راجع نهاية السول شرح منهاج الأصول وحاشية الشيخ بخيت عليه ج‍ ٢ ص ٥١٣.
(٣) جمع الجوامع ج‍ ١ ص ١٢٥.
(٤) أنظر التلويح على التوضيح ج‍ ١ ص ١٢٥.
(٥) ج‍ ١ ص ٣٣٦.