للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عمر أنه كان يبتاع إلى العطاء وبه قال ابن أبى ليلى. وقال أحمد: ان كان شئ يعرف فأرجو. وكذلك إن قال: إلى قدوم الغزاة وهذا محمول على أنه أراد وقت العطاء لأن ذلك معلوم فأما نفس العطاء فهو فى نفسه مجهول يختلف ويتقدم ويتأخر ويحتمل أنه أراد نفس العطاء لكونه يتفاوت أيضا فأشبه الحصاد واستدل لما رجحه من عدم جواز التأجيل إلى الحصاد ونحوه بما روى عن ابن عباس أنه قال: لا تبايعوا إلى الحصاد والدياس ولا تبايعوا إلا إلى شهر معلوم، ولأن ذلك يختلف ويقرب ويبعد فلا يجوز أن يكون أجلا كقدوم زيد.

وقال إن حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهودى أن ابعث لى بثوبين إلى الميسرة رواه حرمى بن عمارة وفيه غفلة فربما كان هذا الحديث من غفلاته إذ لم يتابع عليه. على أنه لا خلاف فى أنه لو جعل الأجل إلى الميسرة لم يصح.

وقال فى باب الإجارة (١): إن الإجارة إذا وقعت على مدة يجب أن تكون معلومة ..

فإن قدر المدة بسنة مطلقة حمل على سنة الأهلة لأنها المعهودة فى الشرع. قال الله تعالى «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} الآية» فوجب أن يحمل العقد عليه فإن شرط‍ هلالية كان تأكيدا، وإن قال عددية أو سنة بالأيام كان له ثلثمائة وستون يوما لأن الشهر العددى يكون ثلاثين يوما وإن استأجر سنة هلالية عد اثنى عشر شهرا بالأهلة سواء كان الشهر تاما أو ناقصا لأن الشهر الهلالى ما بين الهلالين ينقص مرة ويزيد أخرى قال: وإن كان العقد فى أثناء شهر عد ما بقى من الشهر وعد بعده أحد عشر شهرا بالهلال ثم كمل الشهر الأول بالعدد ثلاثين يوما لأنه تعذر إتمامه بالهلال فتممناه بالعدد وأمكن استيفاء ما عداه بالهلال فوجب ذلك لأنه الأصل. وحكى عن أحمد رواية أخرى أنه يستوفى الجميع بالعدد فوجب استيفاء جميعها به كما لو كانت المدة شهرا واحدا ولأن الشهر الأول ينبغى أن يكمل من الشهر الذى يليه فيحصل ابتداء الشهر الثانى فى أثنائه فكذلك كل شهر يأتى بعده. وهكذا إن كان العقد على أشهر دون السنة وإن جعلا السنة رومية أو شمسية أو فارسية أو قبطية وكانا يعلمان ذلك جاز.

[مذهب الظاهرية]

يقول ابن حزم الظاهرى (٢):

إنما يجوز الأجل إلى ما لا يتأخر ساعة ولا يتقدم كالشهور العربية والعجمية وكطلوع الشمس وغروبها وطلوع كوكب مسمى أو غروبه فكل هذه محدود الوقت عند من يعرفها قال تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ} الآية» واستدل بعموم قوله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» على أن الأجل يعم كل محدود وهذا قول الحسن بن حى وأبى سليمان وأصحابنا .. واستثنى ابن حزم من اشتراط‍ تحديد الأجل، الأجل إلى الميسرة، وقال (٣) إنه حق النص فى ذلك ولأنه حكم الله تعالى فى كل من لا يجد أداء دينه. ويقول (٤):


(١) المغنى ج‍ ٥ ص ٣٩٩.
(٢) المحلى ج‍ ٨ ص ٥١٦.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٨ ص ٥١٦.
(٤) المحلى ج‍ ٨ ص ٥١٥ مسألة ١٤٦٤.