للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انقضاء أجل الدَّين

[مذهب الحنفية]

جاء في (حاشية ابن عابدين): لا يحبس في دين مؤجل؛ لأنه لا يطالب به قبل حلول أجله. وكذا لا يمنع من السفر قبل حلول الأجل، فإن حل منعه منه حتى يوفيه. وإذا حل الدين فللمرتهن أن يطالب الراهن بدينه ويحبسه به؛ لأن حقه باق بعد الرهن والرهن لزيادة الصيانة، فلا يمنع من المطالبة والحبس جزاء الظلم (١).

[مذهب المالكية]

جاء في (شرح الخرشى): أنه ينقضى أجل الدين المؤجل بإفلاس المدين أو بموته على المشهور؛ لأن الذمة في الحالتين قد خربت والشرع قد حكم بحلوله، ولأنه لو لم يحل للزم إما تمكين الوارث من القسم أو عدم تمكينه وكلاهما باطل؛ لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٢). ولا يحكم بالتفليس إلا بثلاثة شروط، الأول: أن يطالبه أرباب الديون بديونهم الحالَّة كلهم أو بعضهم. الثاني: أن يكون الدين المطلوب تفليسه به قد حل أصالة أو لانتهاء أجله؛ إذ لا حجر بدين مؤجل. الثالث: أن يكون الدين الحال زائدًا على مال المفلس؛ إذ لا حجر بالدين المساوى. أو يبقى من ماله بعد وفاء الحال ما لا يفى بالدين المؤجل (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء في (نهاية المحتاج): أنه يحل الدين بانقضاء أجله أو بالموت أو بالردة المتصلة به أو استرقاق الحربى، وفى (أصل الروضة) أنه يحل بالجنون. فمن له دين مؤجل فليس له أن يطالب به حتى يحل أجله، فإذا حل فإن كان المدين له مال يزيد على دينه الزمه الحاكم بقضاء دينه. فإن امتنع باع عليه أو أكرهه عليه، وإن كان المال بقدر الدين، فإن كان كسوبًا فلا يحجر عليه وإن لم يكن كسوبًا فالأصح ألا حجر عليه لتمكن الغرماء من المطالبة في الحال. والثانى: يحجر عليه كيلا يضيع المال في النفقة (٤).

[مذهب الحنابلة]

جاء في (المغنى مع الشرح الكبير): أن من لزمه دين مؤجل لم يطالب به حتى يحل أجله فإذا انقضى أجله وأصبح حالًا فإن كان له مال يفى بالدين لم يحجر عليه لعدم الحاجة إلى ذلك. ويأمره الحاكم بالوفاء، فإن أبى حبسه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليُّ الواجد يُحل عِرضَه وعقوبَته. (٥) فعقوبته حبسه، وعِرضه أن يغلظ له في القول. فيقال له: يا ظالم يا متعدى ونحو ذلك. فإذا حبس فصبر على الحبس ولم يقض الدين قضى الحاكم دينه من ماله وإن احتاج إلى بيع ماله في قضاء دينه باعه وقضى دينه؛ وإن كان له مال لا يفى بالدين فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه لزمته إجابتهم إذا اتفق الغرماء على طلبه، ولا يجوز الحجر عليه بغير سؤال غرمائه، وكذلك إن سأل بعضهم، ويجب إظهار الحجر والإشهاد عليه، فإن لم يظهر له مال وادعى


(١) حاشية ابن عابدين: ٢/ ٢٢٣، فتح القدير ٨/ ١٩٨. بتصرف.
(٢) سورة النساء: آية: ١١.
(٣) شرح الخرشى: ٤/ ١٧٦، ١٧٧.
(٤) نهاية المحتاج: ٤/ ٣٠١ - ٣٠٥.
(٥) ذكره البخاري معلقًا في كتاب الاستقراض .. باب لصاحب الحق مقال. وهو في سنن أبى داود: كتاب الأقضية، باب في الحبس في الدين وغيره. وسنن الترمذى. كتاب البيوع، باب مطل الغنى. وسنن ابن ماجه. كتاب الأحكام، باب الحبس في الدين والملازمة.