للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: لا تحل خمر أفسدت حتى يكون الله تعالى هو الذى تولى افسادها، ولا بأس على مسلم ابتاع من أهل الكتاب خلا ما لم يتعمد لأفسادها.

(أى: ما لم يكن أصله خمر خللت بفعل) فعند ذلك يقع النهى، رواه أبو عبيد فى الأموال بنحو من هذا المعنى، وهذا قول يشتهر، لأنه خطب به الناس على المنبر فلم ينكر.

وأما اذا انقلبت بنفسها فانها تطهر وتحل فى قول جميعهم، فقد روى عن جماعة من الأوائل انهم اصطبغوا بخل خمر.

ورخص فيه الحسن وسعيد بن جبير

وليس فى شئ من أخبارهم أنهم اتخذوه خلا، ولا أنه انقلب بنفسه.

لكن قد بينه عمر بقوله: لا تحل خل خمر أفسدت حتى يكون الله تعالى هو الذى تولى أفسادها .. ولأنها اذا انقلبت بنفسها فقد زالت علة تحريمها من غير علة خلفتها فطهرت، كالماء اذا زال تغيره بمكثه.

واذا القى فيها شئ تنجس بها ثم انقلبت بقى ما القى فيها نجسا فنجسها وحرمها.

فأما ان نقلها من موضع الى آخر فتخللت من غير أن يلقى فيها شيئا، فان لم يكن قصد تخليلها حلت بذلك، لأنها تخللت بفعل الله تعالى فيها، وان قصد بذلك تخليلها احتمل أن تطهر، لأنه لا فرق بينهما الا القصد فلا يقتضى تحريمها، ويحتمل أن لا تطهر، لأنها خللت فلم تطهر، كما لو القى فيها شئ (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى: «والخل المستحيل عن الخمر حلال تعمد تخليلها أم لم يتعمد، الا أن الممسك للخمر الذى لا يريقها حتى يخللها أو تخلل من ذاتها عاص لله عز وجل مجرح الشهادة.

برهان ذلك أن الخمر مفصل تحريمها، والخل حلال لم يحرم .. فعن عائشة أم المؤمنين قالت: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الادام الخل، فاذن الخل حلال، فهو بيقين غير الخمر المحرمة.

واذا سقطت عن العصير الحلال صفات العصير وحلت فيه صفات الخمر فليست تلك العين عصيرا حلالا بل هى خمر محرمة.


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى والشرح الكبير عليه ج‍ ١٠ ص ٣٤٣، ص ٣٤٤ الطبعة السابقة.