للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجوز للأب رد تصرف سفيه أو صبى مميز بمعاوضة باشره بلا إذن وليه كبيع وشراء وهبة ثواب، فإن لم يكن بمعاوضة، كهبة وصدقة وعتق، تعين على الأب رده، كإقرار من المحجور عليه بدين فى ذمته أو بإتلافه شيئا لغيره فيتعين عليه رد الإقرار.

وإذا ترك الأب رد ذلك كان للصبى المميز رده إذا رشد (١).

والظاهرية والإمامية والزيدية: يجيزون للولى، أبا أو غيره، أن يتصرف فى مال من فى ولايته للمصلحة. أما بالنسبة للرهن فيقول الظاهرية: لا يجوز للأب ولا للوصى أن يرهن مال موليه عن نفسه، كما لا يجوز لأحد أن يرهن مالا لغيره إلا بإذن مالكه (٢).

ويقول الإمامية: وللولى أن يرهن لمصلحة المولى عليه، وليس للراهن التصرف فى الرهن بإجارة ولا سكنى ولا وط‍ ء، لأنه تعريض للإبطال وفيه رواية بالجواز مهجورة.

الأب وإسقاط‍ حق موليه فى الشفعة:

ترك الأب طلب الشفعة لموليه لا يسقط‍ حقه فى الشفعة وله الأخذ بها إذا بلغ وعقل ورشد على تفصيل فى المذاهب. (انظر شفعة).

الأب وأحكام الهبة:

يذهب الحنابلة (٣) إلى أن الأب يقبض الهبة لولده الصغير والمجنون، ولو كان الأب غير مأمون قبل الحاكم الهبة للصغير ونحوه، أو كان الأب مجنونا قبل الحاكم الهبة لولده أو كان قد مات ولا وصى له، وللأب الحر أن يتملك من مال ولده ما شاء.

ثم قال صاحب كشاف القناع: للأب فقط‍ إذا كان حرا أن يتملك من مال ولده ما شاء ما لم يتعلق به حق كالرهن، مع حاجة الأب الى تملك بمال ولده ومع عدمها، فى صغر الولد وكبره، وسخطه ورضاه، وبعلمه وبغير علمه، لما روى الترمذى، وذكر انه حديث حسن، عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم» وروى الطبرانى فى معجمه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:

«جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبى اجتاح مالى، فقال: أنت ومالك لأبيك».

ولأن الولد موهوب لأبيه بالنص القاطع، وما كان موهوبا كان له أخذ ماله كعبده، ويؤيده أن سفيان بن عيينة قال فى قوله تعالى: «وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً}


(١) الشرح الصغير ج‍ ٢ ص ١٢٦، ١٢٧.
(٢) المحلى ج‍ ٨ ص ١٠٢، المختصر النافع ص ١٣٧، ١٤١. التاج المذهب ج‍ ٤ ص ١٦٦.
(٣) كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٤٧٦.