للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو احتمالا فى الأوجه أولى إذ حرمة المسلم أعظم وعند العجز عن خلاصه يندب افتداؤه بالمال.

ومن قال لكافر أطلق هذا الأسير وعلى كذا فأطلقه لزمه ولا رجوع له به على الأسير ما لم يأذن له فى فدائه فيرجع عليه وإن لم يشرط‍ له الرجوع.

ولو اضطررنا (١) لبذل مال لفداء أسرى يعذبونهم أولا لإحاطتهم بنا وخفنا استئصالهم لنا وجب بذله.

ولا ينافى ذلك قولهم يندب فك الأسرى، لأن محله فى غير المعذبين إذا أمن من قتلهم وإذا أسرت طائفة مسلما ومروا به على المسلمين المكافئين لهم فى القوة فيجب مبادرتهم الى فكه بكل وجه ممكن، إذ لا عذر لهم فى تركه حينئذ (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى (٣): أن من أسر من أهل الحرب على ثلاثة أضرب:

أحدها: النساء والصبيان فلا يجوز قتلهم ويصيرون رقيقا للمسلمين بنفس السبى، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل النساء والولدان.

والثانى: الرجال من أهل الكتاب والمجوس الذين يقرون بالجزية فيخير الإمام فيهم بين أربعة أشياء: القتل، والمن بغير عوض، والمفاداة بهم، واسترقاقهم

والثالث: الرجال من عبدة الأوثان وغيرهم ممن لا يقر بالجزية فيتخير الامام فيهم بين ثلاثة أشياء:

القتل، أو المن أو المفاداة، ولا يجوز استرقاقهم.

وعن أحمد جواز استرقاقهم.

ودليلنا على جواز المن والفداء قول الله تبارك وتعالى: «فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً ٤»}.

وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منّ على ثمامة بن آثال وأبى عزة الشاعر، وأبى العاص بن الربيع.

وفادى أسارى بدر وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا كل رجل منهم بأربعمائة.

وفادى يوم بدر رجلا برجلين وصاحب العضباء برجلين.

وأما القتل فلأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قتل رجال بنى قريظة.

وهذه قصص عمت واشتهرت وفعلها النبى صلى الله عليه وسلم مرات، وهو دليل على جوازها، ولأن كل خصلة من هذه الخصال قد


(١) المرجع السابق ج ٨ ص ١٠٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) نهاية المحتاج الى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أبى العباس الرملى الشهير بالشافعى الصغير فى كتاب مع حاشية أبى الضياء نور الدين على بن على الشبراملسى وبهامشه حاشية أحمد بن عبد الرازق بن محمد أحمد المعروف بالمغربى الرشيدى ج ٨ ص ٥٦ الطبعة السابقة.
(٣) المغنى لابن قدامة المقدسى ج ١٠ ص ٤٠٠، ٤٠١، ٤٠٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) الآية رقم ٤ من سورة محمد.